الرئيسية / شبهات وردود / شبهات حول الصحابة / جهالات “الباز” وقصة الهجوم على “أبو هريرة” ـ أشرف عبد المقصود

جهالات “الباز” وقصة الهجوم على “أبو هريرة” ـ أشرف عبد المقصود

جهالات “الباز” وقصة الهجوم على “أبو هريرة” (1) ـ أشرف عبد المقصود

أشرف عبد المقصود : بتاريخ 9 – 4 – 2007
في جريدة ” الفجر ” لعادل حمودة : كتب جاهل مستهتر يدعى محمد الباز – وهو أحد المرضى بعناوين الإثارة ونشر الأكاذيب – مقالا حقيرا فاجرًا عن الصحابي الجليل ” أبو هريرة ” رضوان الله عليه ، تحت عنوان : ( سقوط أكبر راوي لأحاديث الرسول ) جمع فيه كل شيء من الأكاذيب والأباطيل وفاحش القول التي يروج لها أعداء الصحابة ، وما أملاه هواه ودفعه إليه حقده وفكره السقيم وجهله المركَّب !!
فأمثال هذا الجهول وغيره ممن يُنَقِّرون في سفينة ديننا – على حد تعبير أديب العربية الرافعي  – ليس عندهم أي فكر ولا يحزنون ، وإنما هم قنطرة من خلالها يُنشر الكذب على الصحابة لتشويه صورتهم ، كما أنهم تجار إثارة ، يبيع واحدهم أي شيئ وكل شيئ من أجل كسب صحفي رخيص أيا كان الثمن وأيا كانت الحرمات المنتهكة . بل زاد الطينة بلة أننا رأينا هذا “الباز” في الفترة الأخيرة وقد نصَّب نفسه مفتيا للمسلمين ليتحدث في الشريعة الإسلامية بجهل عميق ؛ فكتب ثلاث مقالات يدعو فيها المرأة الحائض للصلاة والصوم ويعد ذلك اجتهادًا راجع كتابه ” الإسلام المصري ” ص ( 149- 167 ) .
وكأن هذا المسكين يُهِمُّه أمر الصلاة والصوم والعبادة أو حتى أمر المرأة المسلمة المتدينة كله ، فيريد منها أن تصوم وتصلي وهي حائض !!
* * * *
وكنا قد تعرَّضنا بمصر منذ عدة شهور لحملة منظمة على أم المؤمنين عائشة وأصحاب النبي  ومنهم : أبو هريرة والمغيرة بن شعبة وصحيح البخاري , وقمنا بالرد على جهالات بعض الصحفيين آنذاك ، ونشرت بموقع المصريون .. واليوم يتكرر الطعن في أبي هريرة مرة ثانية . أتدرون ما هو السبب ؟ السبب يتضح من عنوان مقال الجاهل المذكور : ( سقوط أكبر راوي لأحاديث الرسول ) فإسقاط أبي هريرة إسقاط لأحاديث الرسول  !!
ولذلك جاء في آخر مقالة ذلك الجاهل ما يؤكد ذلك حيث يقول : (( علماء الحديث يحتجون بأنه إذا فسد السند فسد المتن أي إذا فسد راوي الحديث الذي يتحدث عن الرسول فسد الكلام الذي يقوله )) اهـ . هذا هو ما يريدونه بالضبط ، إسقاط السُّنَّة النبوية المطهرة .
وحتى يكون الرد موضوعيا ويستفيد منه من يتشكك من المسلمين ومن يقرأ أمثال هذه المقالات العفنة التي تؤدي بصاحبها لازدراء الصحابة قدوتنا وأسوتنا بعد رسول الله ؛ فقد رأيت أن أقصر ردِّي على ما جاء في مقالة المدعو الباز في حلقتين : الأولى : من أين يستقي هؤلاء هذه الأباطيل عن أبي هريرة , والثانية : رد الأكاذيب التي يرددها هذا الجهول وأمثاله على أبي هريرة , وربما أعود لاحقا لتفنيد الشبهات على سيف الله المسلول خالد بن الوليد 
* * * *
من أين يستقي هؤلاء هذه الأباطيل عن أبي هريرة ؟
إذا كان الطعن في الصحابة موجودا من قديم ، وحاملو اللواء في هذا الباب معروفون ، فإننا نريد أن نكشف عن قصة تجدد الطعون في عصرنا هذا ، وتحديدًا في الفترة الأخيرة من نهاية القرن الماضي ، فالقارئ الكريم لابد وأن يحيط علما بالخيط من بدايته إلى نهايته ، وحتى يكون الموضوع على بصيرة ونور نتعرف معا على القصة باختصار شديد تتلخص في الآتي :

1- حاول الشيعة أن ينفذوا لمصر من خلال إقامة دور للتقريب بين السُّنَّة والشيعة بمصر . فأنشئوا باحتيال دارًا للتقريب . وكان من بين الداعين لها آيتهم المدعو ” عبد الحسين العاملي ” والذي كشف مقصده الخبيث الدكتور مصطفى السباعي حيث يقول السباعي : ( في عام 1953 زُرت عبد الحسين شرف الدين في بيته بمدينة صور في جبل عامل وكان عنده بعض علماء الشيعة ، فتحدثنا عن ضرورة جمع الكلمة وإشاعة الوئام بين فريقي الشيعة وأهل السُّنَّة وأن من أكبر العوامل في ذلك أن يزور علماء الفريقين بعضهم بعضا وإصدار الكتب والمؤلفات التي تدعو إلى هذا التقارب . وكان عبد الحسين  متحمسا لهذه الفكرة ومؤمنا بها ، وتم الاتفاق على عقد مؤتمر لعلماء السُّنَّة والشيعة لهذا الغرض وخرجت من عنده وأنا فرح بما حصلت عليه من نتيجة ، ثم زُرت في بيروت بعض وجوه الشيعة من سياسين وتجار وأدباء لهذا الغرض ، ولكن الظروف حالت بيني وبين العمل لتحقيق هذه الفكرة ، ثم ما هي إلا فترة من الزمن حتى فوجئت بأن عبد الحسين أصدر كتابا في أبي هريرة مليئا بالسباب والشتائم .. وعلمت بما جاء فيه مما جاء في كتاب أبي رية من نقل بعض محتوياته ومن ثناء الأستاذ عليه لأنه يتفق مع رأيه في هذا الصحابي الجليل) اهـ . ” ثم ذكر السباعي أن العاملي انتهى في كتابه إلى القول ” بأن أبا هريرة  كان منافقا كافرا وأن الرسول قد أخبر عنه بأنه من أهل النار ” . يقول السباعي (( ولما كان أبو رية قد أثنى على هذا الكتاب ومؤلفه فإنه يكون موافقا لمؤلفه في تلك النهاية التي انتهى إليها رأيه في أبي هريرة .ونعوذ بالله من الخذلان وسوء المصير )) . السُّنَّة ومكانتها في التشريع ” ص ( 9 ) .

2- والناظر لمؤلفات هذا العاملي الأخرى يتبين له الخبث الشديد في دعوته ، فهو صاحب كتاب ” المراجعات ” الذي كذب فيه على شيخ الأزهر السابق سليم البشري ، وادعى زورا وبهتانا عليه أنه أرسل إليه رسائل كثيرة ـ دون أي توثيق أو أي صور خطية لهذه الرسائل ـ مدعيا في نهاية الكتاب أن البشري أقر بصحة مذهب الشيعة وتحول إليه وترك مذهب السُّنَّة . ومما يؤكد إفكه : أن أول طبعة لكتابه هذا نشرت عام 1355هـ بصيدا . أي بعد عشرين سنة من وفاة الشيخ سليم البشري المتوفى سنة 1335هـ ولم تنشر في حياته .
ففي الوقت الذي كان فيه المدعو ” عبد الحسين العاملي ” وإخوانه الشيعة يلبسون على الناس بدعوى التقريب بين الشيعة والسُّنَّة نشر هذا العاملي كتابه المسمى ( أبو هريرة ) والذي جمع فيه الشيعي كل النقائص والأكاذيب عن أبي هريرة ، ثم تلقف مافيه المدعو محمود أبو رية فصنف كتابه ( أبو هريرة شيخ المضيرة ) ثم أفصح أبو رية عن مقصده من إسقاط السُّنَّة بكتاب آخر سماه ( أضواء على السُّنَّة ) . فراجت هذه الأفكار – لا سيما عند بعض الأدباء الذين لا يعنيهم إلا جمال التعبير دون التوثق من الكلام – فانتشرت بعض هذه الأباطيل هنا وهناك .

3- واليوم في ظل الهجمة الشيعية الشرسة على السُّنَّة راح الشيعة من جديد ينشرون الكتب وينشئون المواقع الالكترونية التي تطعن في أصحاب النبي ، ويستكتبون بعض المرتزقة من أذنابهم ممن تشيعوا . وبالتوازي مع دعوتهم من جديد للتقريب بين المذاهب والتي تفسح المجال لهم في نشرمذهبهم في عقر دارنا . لقد جرب الشيعة تشويه صورة الصحابة فاستكتبوا أذنابهم الكبار بمصر أمثال الورداني والتعيس بل كتب لهم الكثير من المؤلفات ، فلم يفلحوا ولم تنجح دعوتهم . فنشر كل واحد منهما أكثر من عشرين كتابا تطعن في الصحابة وتشوه صورتهم وتنقل أكاذيب أسيادهم ! . واليوم يجربون طريقة أخرى باستكتاب صحف الإثارة والارتزاق : فيستغلون أي مناسبة للانقضاض على أصحاب النبي  خاصة معاوية وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وأبو هريرة . فأصبح الأمر معتادًا أن ترى بين الحين والآخر الهجوم البذيئ على الصحابة ، ونقل الصفحات الكاملة من المواقع الشيعية على الانترنت لصفحات الجرائد !! .

4- وامتدادا لهذا المخطط الخبيث جاء دور دعاة الشهرة والارتزاق . فقد صرح المدعو ” محمد الباز ” كاتب مقالة السوء عن أبي هريرة ومفصحا عن مصدره ، فذكر : أن صاحبا له أرسل له كتاب أبي رية فيقول : ( أرسل لي أيمن كتابا يكاد يكون مجهولا لا يعرفه الكثيرون عن ( شيخ المضيرة أبي هريرة ) كتبه محمود أبو رية حاول أن يكشف فيه التاريخ الحقيقي لأبي هريرة لم يستعن فيه بروايات آخرين لكنه أخذ من كلام أبي هريرة نفسه .. ) اهـ .
فالقصة كما ترون تعود من جديد إلى كتاب ” عبد الحسين العاملي الشيعي ” عن أبي هريرة والذي تلقف ما فيه من أكاذيب أبورية كما تقدم ، وعنه ينقل لنا صعلوك الإثارة ، ولكن يضيف مع نقوله العفنة البذاءة وقلة الأدب في حق الصحابي الجليل !! .
والتي لا يغفل عنها رب الأرض والسماء !

5- وهؤلاء الجهلة الأوباش أمثال هذا الدعي عندهم من االأساليب الماكرة الشيء الكثير ، والتي يستخدمونها لمن يرد باطلهم ؛ فتجد الواحد من هؤلاء إذا وجد من يخرسه أو يسكته سارع بالصياح والضجيج : هؤلاء يكفرونني ! هؤلاء يحرضون على قتلي ! هؤلاء وهَّابيون !
الشيعة الآن أيها السادة ينفذون لمصر من عدة طرق منها صحف الإثارة والارتزاق ، وبأي سبيل مرتزقة الإثارة – بعلم وبغير علم – ينفذون المخطط . فكم استفاد هؤلاء من وراء عمليات العنف التى كانت تقوم بها بعض الجماعات الإسلامية ، فيظهرون للناس بمظهر الرافض للإرهاب والعنف وفي الوقت نفسه يستغلون الأحداث للهجوم على ثوابتنا وعقيدتنا ، ويمررون وينفذون باطلهم ، فإذا ما رد باطلهم أحد صنفوه في خانة الإرهاب والعنف !! مع أن الكثير من كتابات هؤلاء تصب في خانة الخروج على الحكام بالعنف والإرهاب !!

5- وقد ردَّ العلماء  على أكاذيب أبي رية بمؤلفات كثيرة : منها : ” ظلمات أبي رية أمام أضواء السُّنَّة المحمدية ” للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة  . و ” الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السُّنَّة من الزلل والتضليل والمجازفة ” للشيخ العلامة المعلمي اليماني  . و( دفاع عن السُّنَّة ) للشيخ محمد محمد أبو شهبة  . و ” دفاع عن أبي هريرة ” لعبد المنعم صالح العزي . و ” أبو هريرة راوية الإسلام ” لمحمد عجاج الخطيب . و ” مختصر البرهان في تبرئة أبي هريرة من البهتان ” بقلم عبد الله بن عبد العزيز بن علي الناصر . فليرجع إليها من شاء .

تتمة : بذكر طرف يسير من مناقب أبي هريرة 
– حفظ القرآن واعتنى به وتعلمه وأخذه عرضا عن أبي بن كعب ( غاية النهاية لابن الجزري 1 / 270 ) بل إن القراءة الأكثر شهرة عند المسلمين وهي قراءة الإمام نافع مدارها على أبي هريرة  وظاهر كلام الحافظ ابن الجزري أنه لا يشاركه فيها أحد فيقول : (( تنتهي إليه قراءة أبي جعفر ونافع )) اهـ فإسقاط ” أبو هريرة ” إسقاط لقراءة كلا من نافع وأبي جعفر اللهم احفظنا من الفتن !
– كان متعبدا زاهدا ، بارا بأمه حين تمنى إسلامها وأسلمت وكان سببا في إسلامها ( القصة في صحيح مسلم ) .
– كان كريما اشتهر بعتقه للعبيد وإحسانه لمواليه وكفالته للأيتام . فأعتق الأغر بن سليك أبا مسلم المدني بالاشتراك مع أبي سعيد الخدري ( التاريخ الكبير للبخاري 1 / 44 ) . وكفل اليتيم معاوية بن معتب وكان في حجره وعلمه مما يعلم حتى صار أحد التابعين الرواة ( المسند لأحمد 2 / 307 ، 518 ) .
– كان أبو هريرة طليق الوجه يألف ويؤلف فيه دعابة ، حسن البشر إذا لقي الغير , وقد استعل الطاعنون فيه هذه الدعابة فاتهموه بأنه كان ضعيف العقل مهذارا . فالمزاح لم يكن خلقا معيبا وقد كان رسول الله  يمازح أصحابه .
– كان أبو هريرة ممن يتثبتون في الفتوى وأهلا لها . ( الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم 5 / 92 ) .
– لقد وثق النبي  أبا هريرة حين سأله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال له النبي  : ” لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث ” رواه البخاري . وأقر له  بالخير كما روى الترمذي وقال حسن صحيح غريب : أن النبي  قال له ممن أنت ؟ قال : من دوس . قال : ما كنت أرى أن في دوس أحدا فيه خير . ودعا له  بالحفظ ( البخاري ) .
– أما الصحابة الكرام فتتابعوا على توثيقه فهذا ابن عمر يقول ( يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله وأحفظنا لحديثه ) ( الترمذي وقال : حديث حسن ) . وهذا ابن عباس يروي عنه كما في صحيح البخاري , وجمع غفير من الصحابة الكبار منهم جابر بن عبد الله وأبو أيوب الأنصاري ، وعبد الله بن الزبير ، وأنس بن مالك يروون عنه .
– وهذه أم المؤمنين عائشة تجلسه في مجلسها ( التاريخ الكبير للبخاري 1 / 21 ) بل هو الذي صلى عليها ( التاريخ الصغير للبخاري ص 52 ) وحمل جنازة حفصة ( المستدرك للحاكم 4 / 15 ) .
– وأثناء فتنة القتال بين علي ومعاوية  كان أبو هريرة  من المعتزلين وكان موقفه حياديًا كما كان موقف رهط من أكابر الصحابة  .
– شهد مع النبي  خيبر كما في صحيح البخاري ، كما شهد غزوة ذات الرقاع كما في البخاري ، وشهد إجلاء يهود المدينة ، وشهد الفتح الأكبر وحنين والطائف ،وشهد تبوك ، وشهد غزوة مؤتة ، واشترك في قمع المرتدين وشهد اليرموك وغزوات أرمينية وجهات جرجان .وهذا مبسوط في كتب السيرو وكتب السُّنَّة ومشهور . بينما نرى الكذابين الأفاقين ينفون جهاده فيقو الأفاك المفتري محمد الباز الذي يقول : (( إن أبا هريرة لم يشارك في غزوة أوسرية لم يحمل سيفا كي يحارب به أو يدفع عن الإسلام شرا رجل قضى كل حياته يخدم من حوله مقابل ملء بطنه ، لم يتعفف ولم يحفظ كرامته )) اهـ سبحانك هذا بهتان عظيم . أسأل الله تعالى أن يعيذنا من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن , وأن ينصر الإسلام ويعلي كلمة الحق آمين .
– وإلى الحلقة التالية بإذن الله .

فضح أحقاد “الباز” وأكاذيبه على أصحاب النبي ـ أشرف عبد المقصود

أشرف عبد المقصود : بتاريخ 11 – 4 – 2007
أبو هريرة حصن من حصون الإسلام .. ونور يضيء الدُّروب .. أبو هريرة أحد الرّواد العظام التي يفخر بها أهل الإسلام .. أبو هريرة أحد المصطفين من جيل الصحابة الأوائل الذين اختصهم الله بحفظ كلام نبيه  ببركة دعاء النبي له بحفظ الحديث
فلماذا الهجوم على أبي هريرة بالذات يتكرر بين الحين والآخر ؟ العلامة الشيخ أحمد شاكر  يلخص لنا الجواب بقوله : (( وقد لهج أعداء السُّنَّة ، أعداء الإسلام في عصرنا وشغفوا بالطعن في أبي هريرة ، وتشكيك الناس في صدقه وروايته ، وما إلى ذلك أرادوا وإنما أرادوا أن يصلوا – زعموا – إلى تشكيك الناس في الإسلام .. ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون ، يكاد يرجع في أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون ! بفرق واحد فقط : أن أولئك الأقدمين ـ زائغين كانوا أو ملحدين ـ كانوا علماء مطلعين ، أكثرهم ممن أضله الله على علم !! أما هؤلاء المعاصرون ، فليس إلا الجهل والجرأة وامتضاغ ألفاظ لا يحسنونها ، يقلدون في الكفار ، ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق المستقيم ! )) اهـ
ومن هذا الصنف المدعو محمد الباز الذي كتب مقالا رخيصا وضيعا حشاه بالأكاذيب والافتراءات على أبي هريرة ، وحاول من خلاله أن يؤكّد على فكرة أساسية : هو إسقاط أبي هريرة ؛ لأن حياته كانت تدور حول ملء بطنه فقط ، فكيف نأخذ منه الأحاديث ؟! وقد ذكر أنه اعتمد في ذلك على كتاب نشر قديما للمدعو محمود أبو رية ، وقمنا في الحلقة السابقة بالحديث عن أبي رية وكتابه وبينا من أين يستقي هؤلاء أكاذيبهم عن أبي هريرة ووعدنا بأن نفند هذه الأكاذيب واحدة تلو الأخرى ، وها نحن نفي بما وعدنا ، فنقول وباله التوفيق ومنه نستمد الإعانة :
* * * *
الكذبة الأولى : زعمه أن أبا هريرة يستحق الإهانة
يقول المجترئ الجهول : (( هذا جانب فقط من سيرة حياة أبي هريرة الذي انتزع لنفسه دون وجه حق لقب الراوي الأكبر لأحاديث الرسول لا أقصد بالطبع الإساءة إليه فهذه حياته كما تحدث هو نفسه عنها )) اهـ . ويقول بكل بذاءة : (( وقد كان الرسول نفسه يضيق به للدرجة التي أبعده بها عن صحبته ولم يدافع عنه ويقف ضد الذين أهانوه ؛ لأنه يستحق الإهانة ، إننا لاننتقص من قيمة صحابي لأجل أحد ولكننا نفعل ذلك من أجل أن نتقي أحاديثه التي رواها )) اهـ
وللرد على هذه الوقاحة نقول :
1- من الذي يستحق الإهانة ؟ الصحابي الجليل المجاهد أبو هريرة صاحب النبي الكريم الذي كان سببا في نشر أحاديث النبي ووصولها إلينا ؟ أم هذا الصعلوك المهين الذي يبيع الوهم والأكاذيب لقاء دريهمات من “صاحب الدكان” ، ولا هم له ـ في سبيل ذلك ـ إلا تلمس العيب للبرآء وتتبع عورات البيوت ؟ انظر معي أخي القارئ لهذا التناقض والنفسية المريضة في السطر الذي يقول فيه : (( أنه لا ينتقص من قيمته )) يقول بعده مباشرة أنه : (( يستحق الإهانة ) وهذه هي سمة المحتالين في هذا العصر ، فحتى يفلت من عقاب القانون يقول ما يشاء ويفتري ثم يُشْفِع سبَّه وبذاءته بهذه العبارة !! ونسي المسكين أن الله مطلع عليه ، وسيجازيه من جنس عمله وسيفضحه في الدنيا قبل الآخرة ! أمثال هؤلاء يظهرون أمام الناس وكأنهم معارضون للظلم والاستبداد كاشفون للفساد ، وهم الظالمون المستبدون ! ومع من ؟ مع من ورضوا عنه . فكيف يكون حالهم مع من سواهم من جماهير الناس ؟!! نعوذ بالله من انحطاط أخلاقهم وذهاب المروءة عن وجوههم .
وسنرى في نهاية هذا المقال بعد كشف الحقائق من الذي يستحق الإهانة !! .
2- أما كونه الراوي الأكبر لأحاديث الرسول فرغم أنفك ! ومن أنت حتى تعترض ؟ أبو هريرة حافظ الصحابة على الإطلاق . يقول الدكتور مصطفى السباعي : (( ولم يكد يمضي عصر الصحابة وكبار التابعين حتى كانت أحاديث أبي هريرة محل عناية أئمة الحديث ينقدونها فيبينون ما صح منها ، وينفون ما لم يصح ويذكرون ما فيه ضعف أو وهن . واحتلت أحاديث أبي هريرة الصحيحة صدور مدونات السُّنَّة ومسانيدها ، لم يشذ عن ذلك أحد قبل أن يأتي النظام والإسكافي ومن معهما من شيوخ المعتزلة والإسكافي ومن سبقه من شيوخ الشيعة )) اهـ . فهؤلاء أسلاف العاملي الشيعي وأبي رية ، ومن سار في دربهم من أمثال هذا الموتور الجاهل.
ولله در الشاعر وليد الأعظمي حيث يقول في أبي هريرة :
حباك النبي بألطافه * * * * وعشت سعيدًا بقرب النبي
وأنت الوفي لهدي النبي * * * * فلم تتأول ولم تكذب
وعيت الحديث وأديته * * * * صحيح العبارة والمطلب
فلله صدرك من حافظ * * * * فلم يتردد ولم يرتب
وخازن علم كمثل السحاب * * * * يسح على الخلق بالصيب
فماذا يضيرك من حاسد * * * * خبيث اللسان حقود غبي
تستر من ظاهر بالبحوث * * * * وباطنه أسود عقربي
3- أما كذبه بأن النبي  أبعده عن صحبته فسيأتي الرد عليها بعد قليل .
الكذبة الثانية : نفيه لجهاد أبي هريرة في سبيل الله في الغزوات
يقول المتطاول على أسياده : (( إننا نقدس الصحابة الكبار ونضعهم في المكانة اللائقة بهم بسبب سبقهم إلى الإسلام وتقديمهم لتضحيات جليلة من مالهم وحياتهم من أجل رفعة الإسلام . لكن ماذا سنفعل إذا عرفنا أن أبا هريرة لم يشارك في غزوة أو سرية لم يحمل سيفا كي يحارب به أو يدفع عن الإسلام شرا رجل قضى حياته يخدم من حوله مقابل ملء بطنه لم يتعفف ولم يحفظ كرامته فكيف لنا الآن أن نحفظ كرامته ونصر على أن نقدسه ونمنحه ما ليس من حقه )) اهـ .
و يقول أيضا : (( وهو بطبعه الانتهازي يريد الأمر سهلا لأنه ليس من أبطال الحروب ولا عهد له بميادين القتال ولم يخلق إلا ليخدم ويطعم من أجر خدمته للآخرين )) اهـ .
ثم يزعم أنه طلب العطاء من غنائم خيبر وهو لم يشهدها !!
وللرد على هذه الكذبة المخجلة التي تكشف عن مستواه العقلي والخلقي نقول :
1- هل عميت عيناك عما سطرته كتب السُّنَّة والسيرة والمغازي والسير من الصفحات الرائعة لجهاد أبي هريرة مع النبي بجانب الصحابة الكرام . هذا المفضوح يريد أن يسلب عن أبي هريرة كل ما يظهره بمظهر الشرف والبذل في سبيل الله وهنا يفتضح أمرك أيها الكذاب وإلى القارئ الكريم طرفًا من جهاد أبي هريرة ليصفع به هذا المفتري : إن أبا هريرة بسبب تأخر هجرته لم يحضر معارك الإسلام الأولى كبدر وأحد والخندق لكنه حضر جميع المعارك المتأخرة ولم يتخلف عن واحدة منها : فشهد ” خيبر وقتال وادي القرى ” ، وقد أورد البخاري نصوصا كثيرة في شهوده ” خيبر ” . وفي ألفاظ الروايات من أقوال أبي هريرة : (( افتتحنا خيبر )) بضمير الجمع (( وخرجنا )) ، (( وشهدنا )) وكلها تدل على حضوره ، وهذا مما يفضح الافتراء بأنه لم يحضر خيبر.
2- كما شهد ” غزوة ذات الرقاع ” كما في البخاري . وشهد ” إجلاء بعض يهود المدينة ” كما في صحيح مسلم ، ولعل هذا ويوم خيبر مما هيج عليه “نعال” اليهود وأذنابهم حتى لو تسموا بأسماء المسلمين . وشهد رضوان الله عليه ” الفتح الأكبر وحنين والطائف ” كما في البخاري . وشهد ” غزوة تبوك ” كما روى الطحاوي في معاني الآثار بسند صحيح إليه قال : (( خرجنا مع رسول الله  في غزوة تبوك )) . وشهد ” غزوة مؤتة ” كما في المستدرك . واشترك في ” قمع المرتدين ” كما في البخاري والمسند لأحمد . كما شهد ” معركة اليرموك ” كما في تاريخ دمشق لابن عساكر . وشهد ” غزوات أرمينية وجهات جرجان ” كما أفاده ابن خلدون وغيره .
ومع هذا كله يريد الظالم البائس أن يَسْلب هذه الفضائل عنه ، هذا إن كان قرأ شيئا من العلم فعلا قبل أن يكتب هذا الهراء والأكاذيب التي كتبها .
الكذبة الثالثة : اتهامه لأبي هريرة بالوضع والكذب على النبي 
يتهم المجترئ أبا هريرة بأنه كان من كبار الوضاعين للأحاديث فيقول : (( أبو هريرة لم يكن من كبار رواة الحديث لكنه كان من كبار واضعيها )) اهـ
ويقول أيضا : (( وكان لنهمه يغشى بيوت الصحابة في كل وقت وكان بعضهم ينزوي منه لكن كل هذا لم ينسه حبه للطعام للدرجة التي دفعته إلى أن يضع أحاديث وينسبها للنبي في فضل الولائم مثل قوله : شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ـ أي بغير دعوة ـ ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم )) اهـ
وهذا كلام بالغ الإسفاف والتدني ، ولا يخرج إلا من جوف من ألف تلك الطباع ، على طريقة من قال : إذا ساءت فعال المرء ساءت ظنونه ، ولتعليم هذا “الصبي” بعض ما ينفعه نقول :
1- هذا الموتور الذي يتهم أبا هريرة بأنه يكذب على النبي  وأنه من كبار واضعي الأحاديث يتناسى قبح الكذب آنذاك وندرته حتى على البشر العاديين ناهيك عن الأنبياء ، ولعله من كثرة أكاذيبه وعيشه الآن في زمان فشا فيه الكذابون واستمرأ الناس فيه الكذب، وإلا فهل كان هناك من كذاب يستطيع إخفاء نفسه زمن النبي  دون أن يفضحه ويجدد له توبته . تقول عائشة  : (( ما كان أبغض عند أصحاب رسول الله  من الكذب وما جرَّب منه رسول الله من أحد من شيء وإن قل فيخرج له من نفسه حتى تحدث له توبة )) رواه أحمد والترمذي . فما الكذب بالأمر الهين حتى يستغفل أبو هريرة رسول الله  وصحبه ويحوز منهم التوثيق والمدح لدرجة أن أكثر من أربعين صحابيًا رووا عنه على رأسهم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وأبو أيوب الأنصاري وعبد الله بن الزبير وهذا ابن عمر  يقول : (( يا أبا هريرة : أنت كنت ألزمنا لرسول الله  وأحفظنا لحديثه )) رواه الترمذي . وفي رواية ( وأعلمنا بحديثه ) رواه الحاكم . وهذا حذيفة يقول : قال رجل لابن عمر إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله  فقال ابن عمر : أعيذك بالله أن تكون في شك مما يجيء به ، ولكنه اجترأ وجبنا )) رواه الحاكم . ومن يراجع كتاب ( دفاع عن أبي هريرة ) للشيخ عبد المنعم صالح العلي يجد تفصيلا لروايات الصحابة الكبار وأصحابهم والتابعين ورواياتهم عن أبي هريرة بما يؤكد توثيق الأمة كلها لأبي هريرة .
2- أما الحديث الذي زعم الموتور أن أبا هريرة وضعه من أجل حبه للذهاب لطعام الولائم وهو قوله  : (( شر الطعام طعام الوليمة .. )) فقد رواه مسلم . ولم ينفرد به أبو هريرة أصلا ، وإنما رواه كذلك ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن ، والرواية رواها الطبراني في الكبير والأوسط ولفظها عن النبي  : (( شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الشبعان ويحبس عنه الجائع )) . وصاحب النفسية المريضة يريد أن يطوع الموضوع للبطن والأكل _ كما هي عادته – فزعم – بدون حياء – أن أبا هريرة وضع الحديث من أجل بطنه فهل ابن عباس أيضا وضع الحديث من أجل بطنه ؟! .
الكذبة الرابعة : استهزاؤه بأبي هريرة ونقله أكاذيب في ذلك
يقول المجترئ بأسلوب رخيص : (( كان فقيرا معدما يخدم الناس بملء بطنه )) اهـ . ويقول أيضا : (( كان أبو هريرة يفضل بطنه على ما عداه )) اهـ . ويقول : (( ولما اتصل أبو هريرة بمعاوية وأصبح من دعاته وأقبل على أطعمته الفاخرة يلتهمها وبخاصة المضيرة التي كانت من أطايب أطعمة العرب الثلاثة المشهورة والتي كان أبو هريرة نهما فيها فأطلقوا عليه اسم شيخ المضيرة واشتهر بذلك في جميع الأزمان حتى جعلها العلماء والأدباء مما يتندرون به عليه في أحاديثهم الخاصة وكتبهم العامة على مدى التاريخ )) اهـ .
ويقول أيضا : (( لكن لا يجب أن نكون ظالمين لأبي هريرة هكذا فنجرده من كل ميزة فهناك ميزة كان يجتهد في إظهارها للناس وهي نهمه الشديد للطعام وحبه له ومن أجل ذلك كان يتكفف الأبواب ويتبع الناس في الطرقات يتسولهم ، وهذا النهم كان له أثر بعيد في حياته . وقد لازمته هذه الصفة طوال عمره حتى جاءت الرواية الصحيحة أنه لما نشب القتال في صفين بين علي  ومعاوية كان يأكل على مائدة معاوية الفاخرة ويصلي وراء علي وإذا احتدم القتال لزم الجبل ، وعندما سئل كيف يفعل ذلك كان يقول : الصلاة خلف علي أتم وسماط معاوية أدسم ، وترك القتال أسلم )) اهـ .
وللرد على هذه الوقاحة نقول :
1- إن اتهام أبي هريرة بالنهم والحرص على الطعام اتهام لا يقوله إلا موتور حاقد على الإسلام ونبيه وصحابته وفي صَدْره دَغَل ، وقد عمد المغرضون إلى قول أبي هريرة عن نفسه في البخاري : ( وكنت امرءًا مسكينا ألزم رسول الله  على ملء بطني فأحضر حين يغيبون وأعي حين ينسون ) . فقول أبي هريرة : (( على ملء بطني )) لا يفسر بهذا الخيال المريض ! ولننظر للشرح القويم من العلماء لنرى المقصود : فقد فسرها ابن حجر بقوله ( أي مقتنعا بالقوت ، أي فلم تكن له غيبة عنه ) اهـ . وفسَّرها النووي بقوله : (( أي أُلازمه وأقنع بقوتي ، ولا أجمع مالا لذخيرة ولا غيرها ، ولا أزيد على قوتي ، والمراد من حيث حصول القوت من الوجوه المباحة وليس هو من الخدمة بالأجرة )) . وفسَّرها العيني بقوله : (( أي مقتنعا بالقوت )) اهـ ، أي أنه كان لا يهتم أساسا بالطعام أو جمع المال وكان يأخذ من الطعام القليل الذي يقيته فقط لكي يتفرغ لنقل السنة عن رسول الله . أما المشوهون الحاقدون ففسروها بأنه يصحبه لأجل اللقمة . يقول المعلمي اليماني  : (( فأبو هريرة لم يتكلم عن إسلامه ولا هجرته ولا صحبته المشتركة بينه وبين غيره من الصحابة وإنما تكلم عن مزيته وهي لزومه للنبي  دونهم ، ولم يعلل هذه المزية بزيادة محبته أو زيادة رغبته في الخير أو العلم أو نحو ذلك مما يجعل له فضيلة على إخوانه ، وإنما عللها على أسلوبه في التواضع بقوله : على ملء بطني ، فإنه جعل المزية لهم عليه بأنهم أقوياء يسعون في معاشهم وهو مسكين ، وهذا والله أدب بالغ تخضع له الأعناق )) أهـ ” الأنوار الكاشفة ” ص ( 147 ) .
3- أما زعمه نقلا عن العاملي الشيعي وذنبه أبي رية بأن أبا هريرة كان أَكُولا نهما يطعم كل يوم في بيت النبي أو في بيت أحد أصحابه حتى كان بعضهم ينفر منه ! فهذا افتراء عريض وتشويه لأبي هريرة . يقول الدكتور السباعي : (( أما أنه كان أكولا فهذا لم ترد به رواية صحيحة محترمة ، وعلى فرض ورودها فإن ذلك لا يضير أبا هريرة في عدالته وصدقه ومكانته ، وما كانت كثرة الأكل في مذهب من المذاهب ولا في شريعة من الشرائع مسقطة للعدالة داعية للجرح ، وما حمل أبا رية على سلوك هذا المركب الخشن إلا حقده وسوء أدبه مع صحابي جليل من صحابة رسول الله  ، وأما أنه كان يطعم كل يوم في بيت النبي  أو في بيت أحد أصحابه فهذا هو ما ذكرناه قبلا من أنه لزم النبي  على ملء بطنه مقتنعا بأكله في سبيل حفظه لحديث رسول الله  ونقله لأخباره )) اهـ
4- أما التهكم والتندر الذي ينقله هذا العابث من كتاب أبي رية ، فقد رد عليه السباعي بقوله : (( إنَّ تهكم فتى عابث برجل من حملة العلم أمر يقع في كل زمان ، وقد وقع للعلماء والمصلحين والأنبياء – كما قص الله علينا في كتابه الكريم – فمتى كان مثل هذا التهكم من السفهاء بالأنبياء دليلا على مهانتهم وحقارتهم ؟ وحاشاهم من ذلك )) ” السُّنَّة ومكانتها ” ص ( 312 ) .
5- وأما القصة المفتراة التي يحكيها الأفاق نقلا عن العاملي الخبيث وأبي رية الحاقد من كون أبي هريرة يأكل على مائدة معاوية ، ويصلي خلف علي !! فهذا من السخف والهذيان الذي لا سند له وإنما هي حكايات السفهاء وهوس “المساطيل” ، فأين الرواية وتوثيقها ؟!!
الكذبة الخامسة : اتهامه لأبي هريرة بالتسول
يقول المجترئ : (( عندما عاد أبو هريرة إلى المدينة كان الظن أن يأخذ سبيلا لرزقه بالتجارة في الأسواق أو الزرع في الأرض كما كان يفعل غيره من الصحابة لكنه اختار أن يعيش على ما تجود به نفوس المحسنين من صدقاتهم عليه اختار أبو هريرة أن يسأل الناس فهذا يعطيه وهذا يمنعه )) اهـ . ويقول أيضا : (( كان أبو هريرة في المدينة كما كان عند أهله في اليمن رجلا بلا شأن يذكر ولا عمل يؤثر عنه اللهم إلا التعرض للناس في الطرقات وعلى باب المسجد يستجديهم بلسانه ويتناول ما تجود به نفوسهم بيده يدفعه هذا وينفر منه ذاك )) اهـ .
انظروا إلى الأسلوب الرخيص الوضيع وقلة الأدب مع أبي هريرة ؟
أبو هريرة يترك بلاد اليمن بلاد الخير والنماء ويسافر لكي يأكل أكلة يسيرة ويتسول !! .
لم يكن أبو هريرة متسولا كما يصفه المفتري بل صبر على الفقر حتى أفضى به إلى الخير الكثير وبارك الله له في ماله ، فكان كثير الشكر لربه ، يذكر دائما أيام الفقر ، ويذكِّر الناس بنعم ربهم ويدعوهم إلى الاقتداء برسول الله  من ذلك أنه مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية فدعوه أن يأكل فأبى وقال : إن رسول الله خرج من الدنيا وما شبع من خبز الشعير . رواه البخاري . فلو كان أبو هريرة متسولا مستجديا ما كان هذا صنيعه !! فأكثر الأحاديث التي جاءت في ذم التسول والسؤال رواها أبو هريرة . فهو الذي روى عن النبي  قوله : (( لَأَنْ يَأْخُذَ أحدكم حَبْلَهُ ثُمَّ يَغْدُوَ إلى الْجَبَلِ فَيَحْتَطِبَ فَيَبِيعَ فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ خَيْرٌ له من أَنْ يَسْأَلَ الناس )) رواه البخاري . وهو الذي روى حديث النبي  : (( من سَأَلَ الناس أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أو لِيَسْتَكْثِرْ )) رواه مسلم . وروى عنه البخاري عن النبي  قال : (( ليس الْمِسْكِينُ الذي تَرُدُّهُ الْأُكْلَةَ وَالْأُكْلَتَانِ وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الذي ليس له غِنًى وَيَسْتَحْيِي أو لَا يَسْأَلُ الناس إِلْحَافًا )) . فماذا يقول العابث الذي يرتزق ويتسول من وراء نشر الأكاذيب والفضائح الملفقة وسباب الناس وشتمهم وتشويه صورتهم والإيغال في أعراضهم !!
بل كان أبو هريرة من الكرماء ، فقد روى أبو داود بسند صحيح عن الطفاوي قال : (( تثويت أبا هريرة بالمدينة ، فلم أر رجلا من أصحاب النبي  أشد تشميرا ولا أقوم على ضيف منه )) . وأخرج ابن سعد في الطبقات : (( أن أبا هريرة كان ينزل ذا الحليفة قرب المدينة وله دار بالمدينة تصدق بها على مواليه )) .
الكذبة السادسة : زعمه بان النبي تخلص من صحبته بإرساله للبحرين
يقول المجترئ البذيئ بكل وقاحة : (( هذه الحياة من الانتهازية والتطفل التي كان يعيشها أبو هريرة في المدينة جعلت الجميع يضيقون به حتى الرسول  )) ثم أورد رواية أن النبي بعثه مع العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي عامل الفرس على البحرين يدعوه للإسلام وقال للعلاء : استوص به خيرا . واستدل المجترئ بذلك على أن النبي تخلص منه فقال : (( إن الرسول لو كان يعلم في أبي هريرة خيرا وفضلا وأنه أهل لصحبته لأبقاه إلى جواره كسائر أصحابه ولكنه لما علم فيه أنه غير صالح لصحبته أقصاه عنه ولم يرض أن يظل قريبا منه )) اهـ
وهذا الكلام الممجوج يعطي القارئ صورة واضحة لتفكير هذا المتخلف !!ومن أعجب العجب هذا الاستنتاج العبيط : أن النبي  يرسله مع العلاء بن الحضرمي لدعوة المنذر بن ساوي للإسلام ويوصيه به ، ويعد الأحمق هذا إبعادا من النبي لأبي هريرة !!
وهذا أسلوب رخيص وطعن في أخلاقه  ، فلم يعرف عنه  هذا الصنيع مع أحد من أصحابه لا مع أبي هريرة ولا مع غيره .
الكذبة السابعة : زعمه بأن عمر ولاه على البحرين ليتخلص من ملاحقته له
يقول المجترئ : (( وقد يرد على الخاطر سؤال فإذا كان عمر بن الخطاب يعرف كل هذه المساوئ في شخصية أبي هريرة فلم ولاه على أمور البحرين والإجابة على ذلك ببساطة أن سنة عمر في استعمال الولاة كانت تقضي بأن لا يستعمل كبار الصحابة حتى لا يدنسهم بالعمل وإنما يستعمل صغارهم فاستعمال أبي هريرة على هذه السُّنَّة لا يكون مستغربا ثم إن عمر لم ينس من تاريخ أبي هريرة في المدينة شيئًا وكيف ينسى ما وقع له نفسه أيام كان أبو هريرة يعيش في الصفة فقد كان يلاحقه في طريقه ويضايقه في سيره فلا يجد سبيلا إلى التخلص منه إلا بأن يدخل داره ويغلق الباب في وجهه وكان لايخفى عليه أن النبي أخرجه من المدينة بعد أن ظهر تطفله الذي أضجر الناس منه )) اهـ
وهذه حقارة منقطعة النظير !! توضح لنا العقلية الفذة التي نتعامل معها !! فبهذا المنطق كل حاكم يريد أن يتخلص من متطفل متسول – حسب زعم الأفاق – يوليه ليتخلص من ملاحقته . هذه أضحوكة !! ، ثم إذا كان أبو هريرة بكل صفات السوء التي تحكيها وغير أمين على شيئ أصلا وكذاب … إلى آخره ، فكيف يوليه عمر على البحرين أو حتى على عزبة صغيرة في صعيد مصر ؟!! ، وأما زعمه أن سنة عمر أنه كان يولي صغار الصحابة ولا يولي كبار الصحابة حتى لا يدنسهم بالعمل فهذا كذب آخر فقد ولَّى عمر كبار الصحابة : فولَّى زيد بن ثابت على المدينة عند خروجه للحج ولزيارة الشام ، وولَّى أبا عبيدة عامر بن الجراح الشام ، وولَّى عمَّار بن ياسر الكوفة ، وولَّى سعد بن أبي وقاص العراق . فماذا يقول المجتهد الكبير ؟
الكذبة الثامنة : وصفه لأبي هريرة بأنه كان رجلا مهذارا
يقول ثقيل الظل : (( وإلى جوار النهم في الطعام كان أبو هريرة رجلا مزاحا يتودد إلى الناس ويسليهم بكثرة مزاحه وبالإغراب في قوله ليشتد ميلهم إليه ويزداد إقبالهم عليه وهذه السيدة عائشة تقول عنه : لقد كان رجلا مهذارًا )) اهـ
والجواب : الهذر : كما فسره الحاقد أبورية : الكلام الكثير الرديء الساقط . فما نقله عن أم المؤمنين عائشة كذب متعمد واضح لا يستطيع إثباته . كما بين ذلك الدكتور السباعي بقوله : (( إن أحدا لم يصف أبا هريرة بأنه مهذار ونحن نتحداه أن يأتينا برواية صحيحة في هذا الشأن .. وما كان المزاح في دين الله مكروها وإلا كانت الثقالة وغلاظة الحس والروح أمرا محبوبا في الإسلام وحاشا لله ولرسوله أن يستحبا ذلك وقد قال الله لرسوله :  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ  ، وما كان المزاح خلقا معيبا عند كرام الناس ، وقد كان رسول الله يمازح أصحابه ، وكان الصحابة يمزحون وكان فيهم مشهورون بالمزاح البريء في حدود الشريعة والأخلاق ومنهم أبو هريرة  . كان في إمارته على المدينة خلفا لمروان يركب الحمار ويقول ” خلوا الطريق للأمير ! “.. فما أحلاها من دعابة ! وكان يحمل الحطب على كتفه ويدخل السوق ويقول : ” خلو الطريق للأمير ! ” فيا لروعة العظمة في تواضعها ! ويالغشاوة أبصار الحاقدين الذين لم يروها ! )) اهـ
الكذبة التاسعة : اتهامه لأبي هريرة بأنه لم يراع الله في حكمه للبحرين
يقول المجترئ متسائلا : (( في البحرين التي حكمها ولم يراع الله في رعاياه بها فكيف نقبل من مثل هذا الرجل حديثا أو رواية واحدة عن الرسول )) اهـ
وللرد على هذه الكذبة باختصار نقول : إذا كان هذا الكلام صحيحا فلماذا طلب منه عمر الولاية مرة ثانية على البحرين .والقصة في ( الأموال لأبي عبيد 269 ) فلو جرَّب منه الخيانة وعدم رعايته الله فيها لتركه بتاتا ولما دعاه ثانية للولاية .
الكذبة العاشرة : زعمه بأن البخاري فيه أحاديث كاذبة وموضوعة ومنسوبة زورًا وبهتانًا للرسول
يقول المجترئ : (( عندما أزحت الستار عن حقيقة الإمام البخاري وما جاء في كتابه الذي يسمى الصحيح بما فيه من أحاديث كاذبة وموضوعة ومنسوبة زورًا وبهتانًا للرسول  )) اهـ .
وهذا بيت القصيد . فبعد أن انتهى من أبي هريرة دخل المغرض بوضوح على صحيح البخاري وهنا يتبين لنا الهدف من الحملة على أبي هريرة ، المسألة ليست أبو هريرة أبدا ، أبو هريرة مجرد مدخل فقط وتمهيد ، أما الهدف الخبيث المفضوح فهو إسقاط السُّنَّة .
* * * *
وختاما : أقول أيها السادة الكرام أمامي وأنا أكتب المقال نسخة من طبعة مجلدة فاخرة لكتاب أبي رية في طعنه في السُّنَّة طبعة إيران ط : ثالثة 2004 – 1425 المطبعة : صدر – قم مؤسسة انصاريان للطباعة والنشر . اقتنيتها من إحدى مكتبات الشيعة بمعرض الكتاب بمبلغ زهيد .
وهذا يفسر لك كيف تصل هذه الكتب التي تشكك إلى أمثال الباز . فما تفعله إيران اليوم للتشكيك في السُّنَّة النبوية في بلادنا يتخطى الحدود ، فالكثير من فضائيات الشيعة الآن والتي تمولها إيران – لا أريد أن أسميها – تبث نفس هذه الترهات والأكاذيب التي يرددها الباز لكنهم أكثر وضوحا في الهدف وهو هدم السنة النبوية .
فماذا قدَّم علماء السُّنَّة في مصر والسعودية للتصدي للزحف الشيعي على بلادنا العربية والإسلامية والذي يتوسد بعض “الأحذية” من الجهلة والموتورين ومن انعدمت المروءة في ضمائرهم ؟! والله تعالى من وراء القصد وهو يهدي السبيل .

أشرف عبد المقصود
Bokhary63@yahoo.com

شاهد أيضاً

حديث: «المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض» ودعوى إخراج غيرهم من الصحبة

حديث: «المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض» ودعوى إخراج غيرهم من الصحبة تمهيد: حاول بعضهم إخراجَ …

اترك تعليقاً