تعظيم الحديث وحجية حديث الآحاد
20 مايو، 2019
شبهات حول حجية السنة
1,131 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
تعظيم الحديث وحجية حديث الآحاد
التاريخ: 23/6/1426هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن أعظم ما يجب الدعوة إليه هو رجوع المسلمين للكتاب والسنة فبهما عَزّ آباؤنا وبهما يرجع عزُنا، ولكن بعض الناس لضعف بصيرتهم أعرضوا عن هذين الأصلين، وبتغوا عند الغرب الكافر سبيلا وساء سبيلا، ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ﴾ [النساء:88]
ونود الحديث عن تعظيم السنة النبوية ووجوب الأخذ بها متى ما صح الحديث، وننبه على قول بعض الناس أن الواجب ما ذكر في القرآن فقط، وما ما ذكر في السنة من كلام \ فهو سنة لا يجب فعله!!. وهذا من الفرية والكذب على الله وعلى رسوله صقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ﴾ [الأحزاب:36]
وقال أ:﴿ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾ [النساء:80]
وقال -: ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر:7]،
وقد بيّن ع أن كل كلامه شرع من الله، قال عبدالله بن عمرو بن عاص ا: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله ع، أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كل شيء ورسول الله ع بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول ع، فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال: (اكتب فوالذي نفسي بيده، ما يخرج منه إلا حق) و قال ص في حديث آخر: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)
عباد الله:
بعد هذه المقدمة أذكر أمر آخر ألا وهو عناية الصحابة ي في حفظ السنة النبوية الشريفة، فقد كانوا يعظمونها غاية التعظيم ومن ذلك قول أنس بن مالك ا(كنا نكون عند النبي ع فنسمع منه الحديث فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه) (1)، وكانوا يحتاطون في نقله ومن ذلك ما قصة أبي موسى الأشعري فعن أبي سعيد الخدري ا أنه قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا، فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله ع: (إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع) فقال عمر: والله لتقيمن عليه بينة – أو لأفعلن ـ، أمنكم أحد سمعه من النبي ع؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبي ع قال ذلك. رواه البخاري
وهذا مثال على حرص الخلفاء الراشدين على صيانة السنة.
ولربما سافر الصحابي آلاف الكيلوات لسماع حديث واحد ومن ذلك قصة جابر بن عبد الله حيث قال ا: بلغني حديث عن رجل من أصحاب رسول الله ع فابتعت بعيرا فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت الشام فإذا هو عبد الله بن أنيس الأنصاري فأتيت منزله فأرسلت إليه أن جابرا على الباب فرجع إلي الرسول فقال جابر بن عبد الله؟ فقلت: نعم فرجع إليه فخرج فاعتنقته واعتنقني فقلت: ما حديث بلغني انك سمعته من رسول الله ع في المظالم لم أسمعه قال سمعت رسول الله ع: (يقول يحشر الله تبارك وتعالى العباد عراة غرلا بهما… إلى آخر الحديث) (2)ويحدث عطاء بن أبي رباح يقول أن أبا أيوب ا رحل إلى عقبة بن عامر الجهني وهو بمصر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله ع لم يبق أحد سمعه من رسول الله ع غيره وغير عقبة فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري – وهو أمير مصرـ فأخبر به..فخرج إليه فعانقه ثم قال ما جاء بك يا أبا أيوب فقال حديث سمعته من رسول الله ع لم يبق أحد سمعه من رسول الله ع غيري وغير عقبة فابعث من يدلني على منزله قال فبعث معه من يدله على منزل عقبة فأخبر عقبة به فعجل فخرج إليه فعانقه وقال ما جاء بك يا أبا أيوب فقال حديث سمعته من رسول الله ع لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك في ستر المؤمن قال عقبة: نعم سمعت رسول الله ع يقول من ستر مؤمنا في الدنيا على خزيه ستره الله يوم القيامة فقال له أبو أيوب صدقت ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعا إلى المدينة…)(3)
فهذه الآثار فيها أكبر دلالة على حفظ الصحابة وتعظيمهم للسنة النبوية الشريفة.
أما من جاء بعدهم من التابعين وأتباعهم فكذلك كان لهم أثر كبير في حفظ السنة،
قال أبو العالية /: (كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله ص ونحن في البصرة فما نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم)(4).
ومن أمثلة الرحلة في طلب العلم أن رجلا سافر على قدميه مدة حول كامل من أقصى المغرب إلى العراق ليطلب علم الحديث على الإمام الحافظ أبو العلاء الهمذاني / وقال في ذلك قصيدة مليحة ومنها:
سعى إليكَ على قرب ومن بعدٍ من كان ذا رغبةٍ في العلم والسندِ
(أي سند الأحاديث)
حتى أناخ بمغناك الكريم ِ وقد كلت ركائبه في الغيط والسند (5)
وما أناخ بمغنى غيركُمُ أحدٌ لكن وعى قلبه ما شاء من مددِ
وقد قصدتُك من أقصى المغاربِ لا أبغي سواك لوحي الواحد الصمدِ
وما امتطيتُ سوى رجلي راحلةً وقد غنيت عن العيرانة الأُجُدِ (6)
وكان في الأمة حفاظا متقنين منهم الحافظ الدنيا الإمام البخاري ا وإن كان بين يدي عشرات الأخبار مثلها لغيره قال /:أحفظ مئة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح، وأخرجت هذا الكتاب – يقصد صحيحه – من نحو ستمائة ألف حديث. (7)
فقد انتقى هذا الصحيح من أكثر من نصف مليون حديث يحفظه.
عباد الله:
سأذكر مسألة واحدة صح فيها الحديث ومع هذا فكثير من الناس معرضين عن العمل به، وأشد من ذلك تحريف الحديث عن معناه، ولن نناقش هذه المسائل فقط نكتفي بذكر الحديث
قال ع: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) (8) وهذا نص في تحريم كل أنواع الموسيقى.
الحمد لله الذي جمّل هذه الأمة بمبعث عبده ورسوله محمد ص إليهم ففضلهم على العالمين
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128]، والصلاة والسلام على عبده ورسوله أما بعد:
عباد الله:
سنذكر مسألةً مهمة ألا وهي مسألة أحاديث الآحاد، وحتى نوضح المسألة أكثر نقول: أن الحديث النبوي يقسمه أهل العلم إلى قسمين متواتر وهو ما نقله الجمع الكثير من الصحابة وكذا من بعدهم من الصحابة، والثاني ما نقله واحد من الصحابة أو اثنين لكن لم يبلغ درجة الكثرة.
وحديثنا عن النوع الثاني حيث أن بعض الناس يروجون عدم حجية مثل هذا الحديث في مسائل العقيدة، ولهم شبه فاسدة عارية عن الصحة، وسنذكر بعض أقوال أهل العلم باختصار.
قال ص (نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه..) قال الإمام الشافعي /: فلما ندب رسول الله ع إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرأ يؤديها، والامرؤ واحد دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه، لأنه إنما يؤدي عنه الحلال – يؤتي – والحرام يجتنب، وحدٌ يقام ومالٌ يؤخذ ويعطى، ونصيحةٌ في دين ودنيا) (9)
وقال الإمام الشافعي أيضا: إذا حديث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله ع فهو ثابت عن رسول الله ع.
قال المجد (ونقل عن أحمد ما يدل على أنه – أي الآحاد – يفيد القطع إذا صح) (10)
ونذكر مثالا واحدا على أحاديث صحيحة ومع هذا أنكرها بعض الناس لأنها آحاديث آحد على حد زعمهم.
أخرج البخاري في باب السحر عن عائشة ل قالت سحر رسول اللهعرجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول اللهعخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله..)
الهوامش :
(1) الجامع لأخلاق الراوي والسامع ـ بسند فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف
(2) مسند الإمام أحمد قال الساعاتي: حديث جيد الإسناد
(3) مسند الحميدي 1/189
(4) الكفاية في الرواية
(5) السند :ما قابلك من الجبل وعلا من السفح، الغيط : المنخفض الواسع من الأرض .
(6) الناقة القوية
(7) صبر العلماء ـ 323
(8) الإمام البخاري 47
(9) قال الشيخ الشنقطي رحمه الله : واعلم أن البخاري رحمه الله تعالى قد يقول قال فلان مع سماعه منه لغرض غير التعليق ،قال ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث المعازف المذكور ناقلا عن ابن الصلاح ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في رد ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري عن رسول الله ع ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) من جهة أن البخاري أورده قائلا قال هشام بن عمار وساقه بإسناده فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابا عن الاحتجاج به على تحريم المعازف وأخطأ في ذلك في وجوه والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع انتهى منه )4/ 381وقال أيضا: (ومعلوم أن هشام بن عمار من شيوخ البخاري وأن البخاري بعيد جدا من التدليس) 1/296
(10) الرسالة 402
(11) المسودة