الرئيسية / شبهات وردود / الشبهات المتعلقة بأحاديث معينة. / شبهات على أحاديث الرجم / الرد على مُنكِر حد الرجم وحكمه، محمود خطابي

الرد على مُنكِر حد الرجم وحكمه، محمود خطابي

الرد على مُنكِر حد الرجم وحكمه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي نزَّل الكتاب تِبيانًا لكل شيء وهدىً ورحمة وبُشرى للمسلمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم – الذي نزَّل الله – تعالى – إليه الذكر؛ ليبين للناس ما نزل إليهم لعلهم يتفكرون، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدِّين

أما بعدُ:

فإنه لمن جميل نعم الله- تعالى- علينا وجليل لطفه بنا أنِ امتنَّ الله – تعالى – علينا بمننٍ عظام، وآلاء جِسام، أفضلُها بَعثُهُ إلينا سيِّدَنا محمدًا – عليه الصلاة والسلام – الذي جاء بشريعة محمدية مَنْ حكَّمها صار عاليَ المقام فَمَن تَمسك بها نجا، ومن ابتعد عنها هلك مع الطِّغام، ولقد تنوعتْ إسهامات الجهابذة من علماء المسلمين في نصرة هذه الشريعة المحمدية الغرَّاء، كلٌّ حسب تخصُّصه وفنه، بدْءًا من الصحابة الكرام – رضي الله عنهم أجمعين- ومرورًا بأئمة الإسلام-رحمهم الله تعالى- إلى أن يرث الله – تعالى – الأرض ومَن عليها، فكلٌّ أدلى بدلوه، سواء فيما له تعلُّق بالقرآن الكريم وعلومه، أو بالسنة المطهرة وعلومها، أو بالفقه وأصوله، أو بالتفسير وأصوله، أو باللغة وعلومها. . . وهكذا.

وما أمر الله تعالى نبيه محمداً –صلى الله عليه وسلم – بالاستزادة من شئ إلا من العلم كما قال جل شأنه في كتابه الكريم: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }طه114

وقد حثنا الشرع الحنيف على النفير لطلب الفقه من مصدره النَّمِير فقال الله-تعالى-في مُحكم التنزيل وهو-سبحانه-أصدق القائلين: { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122

وثَبَتَ في مُسْنَد الإمام أحمد والصحيحين وغيرهم عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال: « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ »

وقال الإمام البخاري رحمه الله -تعالى- في صحيحه مُعَلِّقاً بصيغة الجزم ووصله الإمام ابْنُ أَبِي شَيْبَة وَغَيْره بسند صَحِيح كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله –تعالى- في الفتح: (( وَقَالَ عُمَرُ: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا ))، ثم عَقَّبَهُ الإمام الْبُخَارِيّ رحمه الله-تعالى- بِقَوْلِهِ: (( وَبَعْد أَنْ تُسَوَّدُوا ))؛ ولهذا كان العلماء هم أولى الناس بخشية الله-تعالى- كما قال الله-تبارك وتعالى- في كتابه العزيز:

{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28

ومما تجدر الحاجة إليه بعد توحيد الله –تعالى- علم الفقه لكل من العالم والمتعلم:

أما العالِم: فبه يُفَقِّهُ الناس في دينهم ويعلِّمهم ما تصح به عباداتهم،حيث إنه يستنبط لهم الأحكام، ويوازن بين الأدلة، ويتعرَّف على مقاصد الشريعة والتشريع، مع مقارنة مناهج المتقدمين ومصادرهم ومواردهم، ولا يتجاوز مواطن الإجماع، ويُؤَصِّل ويُقَعِّد المسائل، على غرار ما ابتدأه الأوائلُ من الأئمة المتقدمين، فيجتهد كما اجتهدوا ثم يقدم لهم علم الفقه في أبسط صورة وأكثرها بهاءً.

وأما المتعلم: سواء كان طالب علم أم دونه؛ فإنه يحتاج إلى علْم الفقه؛ ليتعلم أمور دينه وما تصح به عباداته مما يساعده على أن يعبد الله –تعالى- على بصيرة.

هذا وليعلم أن مشكلة الأمة الآن ليست في كثرة إيراد النصوص والأدلة وتسويد الصفحات ربما بمداد ثمنه أنفع لفقراء المسلمين من تلك الصفحات لكن المشكلة تكمن فهم تلك النصوص والجمع بين ما يظهر تعارضه؟ بل المشكلة تكمن فيمن يأتي بأمر يشذ به عن جماعة المسلمين ظاناً على الجادة

فالواجب[1] على كل مسلم اتباع السنة المحمدية واقتفاء الآثار النبوية الأحمدية التي منها التمسك بسنة الخلفاء الراشدين والتبرك بآثار الأئمة المهديين ولقد اقام الناس على ذلك بعد عصر النبوة زمانا تابعين للشريعة النبوية احتسابا وإيمانا كما أشار إليه الإمام أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتاب الحجة فقال:

 وقد كان الناس على ذلك زمانا بعده إذ كان فيهم العلماء وأهل المعرفة بالله من الفهماء من أراد تغيير الحق منعوه ومن ابتدع بدعة زجروه وإن زاغ عن الواجب قوموه وبينوا له رشده وفهموه فلما ذهب العلماء من الحكماء ركب كل واحد هواه فابتدع ما أحب وارتضاه وناظر أهل الحق عليه ودعاهم بجهله إليه وزخرف لهم القول بالباطل فتزين به وصار ذلك عندهم دينا يكفر من خالفه ويلعن من باينه وساعده على ذلك من لا علم له من العوام ويوقع به الظنة والإيهام ووجد على ذلك الجهال أعوانا ومن أعداء العلم أخدانا أتباع كل ناعق ومجيب كل زاعق لا يرجعون فيه إلى دين ولا يعتمدون على يقين قد تمكنت لهم به الرئاسة فزادهم ذلك في الباطل نفاسة تزينوا به للعامة ونسوا شدائد يوم الطامة”.

نصيحة وتحذير

من خلال إيجازلأحكام الردة وأحكام المرتد مع أقوال أئمة المذاهب الأربعة[2]

(((الردة))) وهي قطع الإسلام، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: أفعال وأقوالٌ واعتقادات كما اتَّفقَ على ذلك أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، كالنووي (ت676 هـ) وغيره من الشافعية، وابن عابدين ( ت 1252 هـ ) وغيره من الحنفية، ومحمد عليش ( ت1299 هـ ) وغيره من المالكية، والبهوتي ( ت 1051 هـ) وغيره من الحنابلة.

وكلٌّ من الثلاثة كفرٌ بمفردِهِ فالكفرُ القوليُّ كفرٌ ولو لم يقترن به اعتقادٌ أو فعلٌ، والكفرُ الفِعْلِيُّ كفرٌ ولو لم يقترن به قول أو اعتقادٌ أو انشراحُ الصَّدْر به، والكفرُ الاعتقادي كفرٌ ولو لم يقترن به قولٌ أو فعلٌ، وسواء حصول هذا من جاهل بالحكم أو هازل أو غضبان.

قال الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة ءاية ٦٥ و٦٦].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ الرَّجلَ لَيَتَكلَّمُ بالكلمةِ لا يَرى بها بأسًا يهوِي بِها سبعينَ خريفًا في النَّارِ ” رواه الترمذي وحسنه، وفي معناه حديث رواه البخاري ومسلم.

وقال الإمام المجتهد محمد بن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) في كتابه ” تهذيب الآثار: ” إن من المسلمين من يخرج من الإسلام من غير أن يقصد الخروج منه ” اهـ.

قواعد مفيدة، قال الفقهاء:

أ- من تلفظ بكلام كفر أو فعل فعلا كفريا أو اعتقد اعتقادا كفريا، وجهل أن ما حصل منه كفر لا يعذر بل يحكم بكفره، قاله القاضي عياض المالكي والشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي وكذلك عدد من فقهاء الحنفية وغيرهم.

ب- اللفظ الصريح لا يؤول، قال حبيب بن ربيع أحد كبار المالكية: ” ادعاء التأويل في لفظ صراح لا يقبل “اهـ. نقله عنه القاضي عياض في الشفا [ج2/217]. وقال إمام الحرمين عبد الملك الجويني (ت478 هـ) كما في نهاية المحتاج [ج7/414]: ” اتفق الأصوليون على أن من نطق بكلمة الردة وزعم أنه أضمر تورية كفّر ظاهرا وباطنا “اهـ وأقرهم على ذلك. يعني إن كانت توريته بعيدة، لأن التورية القريبة تدفع التكفير عن صاحبها لكون اللفظ غير صريح.

ج- وأما إن كان اللفظ ليس صريحا وإنما له أكثر من معنى، بعض معانيه كفري وبعضها غير كفر، لا يحكم على المتلفظ به بالكفر إلا إذا علم أنه أراد بهذا اللفظ المعنى الكفري.

توبة المرتد:

وأما توبة المرتد فهي الإقلاع عن الكفر فورا والنطق بالشهادتين بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ولا ينفعه قول أستغفر الله قبل الشهادتين، كما نقل الإجماع على ذلك الإمام المجتهد أبو بكر بن المنذر المتوفى سنة 318 هـ. في كتابه الإجماع ص/144.

نصيحة:

قد عد كثير من الفقهاء كالقاضي عياض المالكي المتوفى سنة 544هـ والفقيه بدر الرشيد الحنفي المتوفى سنة 768 هـ والفقيه يوسف الأردبيلي الشافعي المتوفى سنة 799 هـ وغيرهم أشياء كثيرة في بيان الألفاظ المكفرة نقلوها عن الأئمة فينبغي الإطلاع عليها فإن من لم يعرف الشر يقع فيه.

قال الحافظ الكبير أبو عوانة (ت 316 هـ) الذي عمل مستخرجا على مسلم، فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج12/301-302: ” وفيه أنَّ مِنَ المسلمينَ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ الدِّينِ مِنْ غير أنْ يقصدَ الخروجَ منهُ ومنْ غير أنْ يَختَار دينا على دينِ الإسلامِ ” اهـ.

وقال الشيخ عبد الله بن الحسين بن طاهر الحضرمي (ت 1272 هـ) في كتابه سلم التوفيق إلى محبة الله على التحقيق: ” يجب على كل مسلم حفظُ إسلامه وصونُهُ عمَّا يفسده ويبطلُهُ ويقطعُهُ وهو الرّدةُ والعياذ بالله تعالى وقد كثُرَ في هذا الزمان التساهلُ في الكلام حتى إنَّهُ يخرج من بعضهم ألفاظٌ تُخرجهم عن الإسلام ولا يَرَوْنَ ذلك ذنبًا فضلاً عن كونه كفرًا “اهـ

وقال السيد البكري الدمياطي (ت 1310هـ) في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين ( م2/ج4/133): ” واعلم أنه يجري على ألسنة العامة جملة من أنواع الكفر من غير أن يعلموا أنها كذلك فيجب على أهل العلم أن يبينوا لهم ذلك لعلهم يجتنبونه إذا علموه لئلا تحبط أعمالهم ويخلدوا في أعظم العذاب، وأشد العقاب، ومعرفة ذلك أمر مهمّ جدًا، وذلك لأن من لم يعرف الشرّ يقع فيه وهو لا يدري، وكل شرّ سببه الجهل، وكل خير سببه العلم، فهو النور المبين، والجهل بئس القرين “اهـ

ويقول الحافظ الفقيه محمد بن محمد الحسيني الزبيدي الشهير بمرتضى (ت 1205هـ) في كتابه اتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين،ج5/333، ما نصه: ” وقد ألف فيها (الردّة) غير واحد من الأئمة من المذاهب الأربعة رسائِل وأكثروا في أحكامها “اهـ

أقوال العلماء الحنفية في الرِّدّة:

قال الفقيه الحنفي محمد أمين الشهير بابن عابدين (ت1252هـ) في كتاب رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، ج6/354، باب المرتد: شرعا الراجع عن دين الإسلام، وركنها إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد الإيمان. هذا بالنسبة إلى الظاهر الذي يحكم به الحاكم، وإلا فقد تكون بدونه كما لو عرض له اعتقاد باطل أو نوى أن يكفر بعد حين “اهـ.

وقال البدر الرشيد الحنفي (ت 768هـ) في رسالة له في بيان الألفاظ الكفرية ص/19: ” مَنْ كَفَرَ بلسَانِهِ طائِعا وقلبه على الإيمان إنّهُ كافر ولا ينفَعه ما في قلبه ولا يَكون عند الله مؤمنًا لأنَّ الكافر إنما يعرف من المؤمن بما ينطق به فإنَ نَطقَ بالكُفْرِ كانَ كافرا عندَنا وعندَ اللهِ ” اهـ.

وقال الشيخ ملا علي القاري الحنفي (ت1014 هـ) في شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، ص/274: ” ثم اعلم أنَّهُ إذا تكلّم بكلمة الكُفر عالِما بمعناها ولا يعتقِدُ معناها لكنْ صدَرتْ عنهُ من غير إكراهٍ بل مع طواعية في تأْديَتِه فإنّه يُحكَم عليه بالكُفرِ “اهـ.

وجاء في كتاب الفتاوى الهندية في مذهب الإمام أبي حنيفة، (قام بتأليفها جماعة من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البلخي بأمر من سلطان الهند أبي المظفر محيى الدين محمد أورنك زيب) ج2/259 و261 ما نصه: ” يكفر بإثبات المكان لله تعالى “، ” وكذا إذا قيل لرجل: ألا تخشى الله تعالى، فقال في حالة الغضب: لا، يصير كافرا،كذا في فتاوى قاضيخان “اهـ

وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي (ت 483 هـ ) في كتابه المبسوط، في المجلد الثالث ج5/49، ما نصه: ” باب نكاح المرتد: وإذا ارتد المسلم بانت منه امرأته مسلمة كانت أو كتابية دخل بها أو لم يدخل بها عندنا ” اهـ

وقال الإمام عبد الله بن أحمد النسفي (ت 701 هـ) في كنـز الدقائق،كتاب السير: ” أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الرِدة تُبْطِلُ عِصْمَةَ النِّكَاحِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِنَفْسِ الرِّدةِ ” اهـ

وقال الشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي (ت 1298هـ) في اللباب في شرح الكتاب، ج3/28، ما نصه: ” وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بينهما بغير طلاقٍ “اهـ

وقال الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي (1143هـ) في كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني ص/124، ما نصه: ” وأما أقسام الكفر فهي بحسب الشرع ثلاثة أقسام ترجع جميع أنواع الكفر إليها، وهي: التشبيه، والتعطيل، والتكذيب… وأما التشبيه: فهو الاعتقاد بأن الله تعالى يشبه شيئًا من خلقه، كالذين يعتقدون أن الله تعالى جسمٌ فوق العرش، أو يعتقدون أن له يدَين بمعنى الجارحتين، وأن له الصورة الفلانية أو على الكيفية الفلانية، أو أنه نور يتصوره العقل، أو أنه في السماء، أو في جهة من الجهات الست، أو أنه في مكان من الأماكن، أو في جميع الأماكن، أو أنه ملأ السموات والأرض، أو أنَّ له الحلول في شىء من الأشياء، أو في جميع الأشياء، أو أنه متحد بشىء من الأشياء، أو في جميع الأشياء، أو أن الأشياء منحلَّةٌ منه، أو شيئًا منها. وجميع ذلك كفر صريح والعياذ بالله تعالى، وسببه الجهل بمعرفة الأمر على ما هو عليه ” اهـ.

قال الإمام ملّا علي القاري الحنفي في كتابه المرقاة: « قال الشافعي واحمد ومالك وابو حنيفة والأشعري والباقلاني والسلف والخلف بكفر المجسمة والقائلين بنسبة الجهة والمكان لله ولا تصح الصلاة منهم ولا ورائهم ولا عليهم »…انتهى

أقوال العلماء المالكية في الرِّدّة

قال القاضي عياض اليحصبي المالكي (ت 544 هـ) في كتابه الشفا ج2/214 الباب الأول في بيان ما هو في حقه صلى الله عليه وسلم سبٌ أو نقص ٌمن تعرض أو نصٍ: ” من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرَّضَ به أو شبهه بشىء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له… قال محمد بن سنحون أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المُنتَقِصَ له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له … ومَنْ شكّ في كفره وعذابه كَفَرَ “. اهـ

وقال الشيخ أبو عبد الله محمد أحمد عليش المالكي مفتي الديار المصرية الأسبق (ت 1299هـ) في منح الجليل على مختصر العلامة خليل ج9/205 ما نصه: ” وسواء كفر بقول صريح في الكفر كقوله كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان أو إلاله اثنان أو ثلاثة أو المسيح ابن الله أو العزير ابن الله أو بلفظ يقتضيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول، وكاعتقاد جسمية الله وتحيزه. . أو بفعل يتضمنه أي يستلزم الفعل الكفر استلزاما بينا كإلقاء أي رمي مصحف بشىء قذر “. اهـ.

وقال أيضا في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، ج2/348: س: ما قولكم في رجل جرى على لسانه سب الدين ( أي دين الإسلام ) من غير قصد ( أي من غير قصد الخروج من الدين) هل يكفر؟ فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، نعم ارتد، وفي المجموع ولا يعذر بجهل. اهـ

قال القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي المتوفى سنة 422 هجرية في شرحه على عقيدة مالك الصغير ص 28 ما نصه: ولا يجوز أن يثبت له كيفية لأن الشرع لم يرد بذلك ولاأخبر النبي عليه السلام فيه بشْيء ولا سألته الصحابة عنه ولأن ذلك إلى التنقل والتحول وإشغال الحيز والافتقار إلى الاماكن وذلك يؤول إلى التجسيم وإلى قدم الاجسام وهذا كفر عند كافة أهل الإسلام. اهـ

 قال الإمام حبيب بن الربيع أحد أكابر المالكية و هو من أصحاب الوجوه الذين يستخرجون الأحكام بالاستنباط من نصوص الإمام مالك رضي الله عنه في كتابه شرح الشفا للقاضي عياض ( 4/ ص 378) ” ادّعاء التأويل في ألفاظ صراح لا يقبل ” اهـ. ما ينسب في المذهب من قول أن الصريح يؤول فهذا بعيد و غير مقبول.

أقوال العلماء الشافعية في الرِّدّة

قال الإمام يحيى بن شرف النووي الشافعي (ت 676 هـ ) في كتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين، ص/293، ما نصه: ” كتاب الردة: هي قطع الإسلام بنية أو قول كفر أو فعل سواء قاله استهزاء أو عنادًا أو اعتقادًا ” اهـ

وقال أيضا في الروضة ج10/52: ” وقال أي الشافعي في موضع إذا أتى بالشهادتين صار مسلما ” اهـ وقال في كتاب الكفارات ج8/282: ” المذهب الذي قطع به الجمهور أن كلمتي الشهادتين لا بد منهما ولا يحصل الإسلام إلا بهما “. اهـ

وقال الشيخ تقي الدين أبو بكر بن محمد الحصني الشافعي من أهل القرن التاسع الهجري في “كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار” ص/200، ما نصه: فصل في الردة: وفي الشرع الرجوع عن الإسلام إلى الكفر وقطع الإسلام، ويحصل تارة بالقول وتارة بالفعل وتارة بالاعتقاد، وكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة فيه مسائل لا تكاد تحصر، فنذكر من كل نبذة ما يعرف بها غيره: أما القول: ولو سب نبيا من الأنبياء أو استخف به، فإنه يكفر بالإجماع. ولو قال لمسلم يا كافر بلا تأويل كفر، لأنه سمى الإسلام كفرا. وأما الكفر بالفعل فكالسجود للصنم والشمس والقمر وإلقاء المصحف في القاذورات والسحر الذي فيه عبادة الشمس. ولو فعل فعلا أجمع المسلمون على أنه لا يصدر إلا من كافر، وإن كان مصرحا بالإسلام مع فعله. وأما الكفر بالاعتقاد فكثير جدا فمن اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو اعتقد نفي ما هو ثابت لله تعالى بالإجماع أو أثبت ما هو منفى عنه بالإجماع كالألوان والاتصال والانفصال كان كافرا، أو استحل ما هو حرام بالإجماع، أو حرم حلالا بالإجماع أو اعتقد وجوب ما ليس بواجب كفر أو نفى وجوب شىء مجمع عليه عُلِمَ من الدين بالضرورة كفر. النووي جزم في صفة الصلاة من شرح المهذب بتكفير المجسمة، قلت: وهو الصواب الذي لا محيد عنه إذ فيه مخالفة صريح القرءان “اهـ.

وقال الإمام الشافعي‏ (ت204هـ) في كتابه الأم ج 6/160‏،‏ في باب حال المرتد وزوجة المرتد: ” وإذا ارتد الرجل عن الإسلام وله زوجة، أو أمراة عن الإسلام ولها زوج… لا تقع الفرقة بينهما حتى تمضي عدة الزوجة قبل يتوب ويرجع إلى الإسلام فإذا انقضت عدتها قبل يتوب فقد بانت منه ولا سبيل له عليها وبينونتها منه فسخ بلا طلاق ” اهـ.

وقال تاج الدين السبكي (ت771 هـ) في طبقاته ج1/91 ما نصه: ” ولا خلاف عند الأشعري وأصحابه بل وسائر المسلمين أن من تلفظ بالكفر أو فعل أفعال الكفر أنه كافر بالله العظيم مخلد في النار وإن عرف قلبه ” اهـ.

وقال الشيخ محمد بن عمر نووي الجاوي البنتني (ت 1316 هـ) في كتاب مراح لبيد: ” {وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإيمَـٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} أي ومن يكفر بشرائع الله وبتكاليفه فقد بطل ثواب عمله الصالح سواء عاد إلى الإسلام أو لاً “اهـ.

أقوال العلماء الحنابلة في الرِّدّة

قال موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620 هـ) في كتاب المقنع، صحيفة 307، ما نصه: ” باب حكم المرتد: وهو الذي يكفر بعد إسلامه. فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ لله صاحبة أو ولدا أو جحد نبيا أو كتابا من كتب الله تعالى أو شيئا منه أو سب الله تعالى أو رسوله كفر. ومن جحد وجوب العبادات الخمس أو شيئا منها أو أحل الزنا أو الخمر أو شيئا من المحرمات الظاهرة المجمع عليها لجهل عرّف ذلك، وإن كان ممن لا يجهل ذلك كفر “.

وقال الفقيه الحنبلي منصور بن إدريس البهوتي (ت 1051 هـ) في كتاب شرح منتهى الإرادات، ج3/386، ما نصه: ” باب حكم المرتد، وهو لغة الراجع،. . وشرعا من كفر ولو مميزا بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك طوعا ولو كان هازلا بعد إسلامه “اهـ.

وقال أيضا في كشاف القناع عن متن الاقناع ج6/178 ما نصه: ” وتوبة المرتد إسلامه بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله … وهذا يثبت به إسلام الكافر الأصلي فكذا المرتد ” اهـ.

وقال الشيخ محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلي (ت1083هـ) في كتاب مختصر الافادات في ربع العبادات والآداب وزيادات، ص/514 ما نصه: ” فصل في المرتد: وهو من كَفَرَ ولو مميزا طوعا ولو هازلاً بعد إسلامه “اهـ.

وقال زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين بن أحمد ابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ) في كتاب جامع العلوم والحكم، ص/148، الحديث السادس عشر: ” فأما ما كان من كفر أو ردة أو قتل نفس أو أخذ مال بغير حق ونحو ذلك فهذا لا يَشُكُّ مسلم أنهم لم يريدوا أن الغضبان لا يؤاخذ به ” اهـ.

وعند الجمهور(الشافعية والحنابلة وغيرهم) لاتبطل أعمال من وقع في الردة إلا بموته عليها ودليلهم قوله تعالى: (( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) البقرة/ ٢١٧ حيث قيدت الآية هنا ما أطلق في الآيات التي استدل بها الحنفية والمالكية، وعند الحنفية والمالكية تبطل أعماله بمجرد ردته ودليلهم قوله تعالى: (( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) المائدة/5،وقوله تعالى)): لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(الزمر/65،وقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))المائدة/54.

ودليل الشافعيةوالحنابلة أرجح؛لجمعه بين الآيات وإعمالها كلها.

وهذه صفحات ونقول فيها دحض لحججه(فيما بدت له) وإزهاق لباطله ورداً عليه بمثابة الأصل مع عزوها عند بداية الكلام لقائليها كما أشار إلى ذلك الإمام القرطبي[3]( ت671هـ) بقوله: ” من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله”.

وهذه مشكلة قديمة وحديثة في آنٍ واحد: فقد كان يرى من يدخل بلاد العراق آلافاً من طلاب الحديث بينما طلاب الفقه بضع مئين!

ومما له تعلق بهذا الأمر أنه قد انتشرت هذه الترهات على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة وهي ليست مصادفة وتزامن أحداث كلاإنها مقصودة ومدروسة من قبل أعداء الله تعالى؛ليشغلوا الرأي العام ويثنوهم عن أمور عظام تحدث في النهار قد حيكت في الظلام !

فالذين امتزجت عقولهم بشهوة أو شبهة أو بدع شر على المجتمع المسلم وغيره من الكفار الأصليين؛ لأنهم فقط يتكلمون باسم الإسلام ونحن في زمن نعق فيه كل ناعق وتطاول على شرائع الإسلام الأقزام والطماطم وأصبح _ بتقصيرنا_ أخفض سور يتسلق عليه من خلاق له هو سور الشرع بذكر شبهات واعتراضات لا صحة لها بل لضعف الفهم وعدم التحري بل القصور تارة وأخرى لا لضعف علمي بل لأن صاحب تلك الترهات مغرض مأجور فينخدع بأقوله السذج من العوام وأصحاب الشهوات والشبهات وأهل العهر والمُدام والخطأ ليس لمشكلة في الشرع إنما في سوء الفهم أو الجهل فيعيبون الشرع بما لا علم ويهرفون بما لا يعرفون ولقد صدق أبو الطيب المتنبي حين قال:

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً *** وآفتهُ من الفهمِ السقيمِ

ولكن تأخذ الآذان منه *** على قدر القرائح والفُهوم[4]ِ!

وامثال هؤلاء لايريدون استفساراً عن مشكل أو إيضاحاً لأمر مبهم بل ما تولوا كبر تلك الشبهات ونشرها إلا طعناً ملتوياً في الدين متستراً بلباس الناصحين والمستنيرين ولو قرؤوا تاريخ من وصف نفسه بالمستنير الواعي وهو في الحقيقة مخادع خائن لارتدعوا لكن قصدوا إثارة فتنة وإبعاد أهل الحق عن كشف عوارهم بانتفاضة على المتعدي على الثوابت وهم يعلمون جيداً أن تلك القضايا إنما تثار بين يدي العلماء

وعلمي بأولئك الكتاب الشانئين أنهم لا يعرفون العلماء (الذين لم تشرب قلوبهم بتلك الطوام) فحسب بل جلسوا معهم على موائد متعددة مرات ومرات ولم يسألوهم

لكن تقيؤوا تلك الكلمات المبتذلة عبر شبكات التواصل الاجتماعية لتكون مرتعاً لصاحب شبهة أو شهوة أو من يجمع بين البليتين معاً

وهؤلاء المخلوقون لا يطرحون تناقضات ضد من غضب الله عليهم أو ضلوا عن سواء السبيل أو سلكوا مبدءاً علمانياً أو إلحادياً لماذا؟!لأن هناك أيد تأطر وجنسيات تسحب منهم أو تسقط أو يمنع سيل الأموال المتدفق عليهم فلم يجدوا إلا السور الذي لا يزأر له أحد

والذين ينشرون تلك البواقع ليس واحداً بل آحاداً وسيكونون يوم القيامة _ إن لم يرجعوا إلى دينهم_ وحداناً بما اقترفته أيديهم الذين يرمون بأدوائهم ثم ينسلون بين المسلمين إفساداً وإعظاماً للعقل على النقل بشبهات تافهة وحجج داحضة أوهن من بيت العنكبوت وحالهم كقول الحكيم: “رمتني بدائها وانسلت” فقط لإشغال المسلمين عن الأولويات والالتفات عن تقطيع أواصلهم وانتهاك أعراضهم فتباً لأناس أبوجهل ما قال بقولهم!

ومما أثير في هذا الوقت مسألة الرجم وآياته منسوخة لفظاً لكن معناها محكم لفعل أرحم خلق الله بالعباد وأعرفهم بإنسانيتهم سيدنا محمد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حيث إنه رجم وحكم بالرجم ولقوله فبين حكم الرجم وكيفيته ولإقراره للرجم.

وهل من فقه الرجل توجيه طاقات المسلمين وإشغالهم بمسائل أكثر ما يقال فيها ترك فضيلة أو فاتته فضيلة وليست له جهود حتى ولو متواضعة على أعداء الله تعالى وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم ومن يكيلون سوء العذاب للمسلمين ويذبحونهم من الوريد إلى الوريد؟! فكيف بالكلام عن ثوابت الإسلام

ثم أين تلك الكتابات من بيان عوار دين المشركين والملحدين والمرتدين والعلمانيين والذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولاذمة؟

أسلم أولئك من لسان وبنان أهل التحقيقات ولم يسلم منها ثوابت الإسلام؟! وحَرَى بكل من لفًّ لفًّ من يبدع أمة الإسلام أن لا يكونوا كالخوارج سلم منهم أهل الأوثان ولم يسلم منهم أهل الإسلام!

 هل مشكلة الأمة الآن في كثرة إيراد النصوص والأدلة وتسويد الصفحات ربما بمداد ثمنه أنفع لفقراء المسلمين من تلك الصفحات أم المشكلة تكمن فهم تلك النصوص والجمع بين ما يظهر تعارضه والرجوع إلى أهل العلم؟

 المسألة قطعاً ليس فيها إجماع فهل من الفقه إهدار طاقات وأموال المسلمين فيها أم في سد حاجات أساسية لنساء وشيوخ وأطفال ورجال ومجاهدي المسلمين؟

وهنا لنا أسئلة له ولغيره ممن سولت لهم أنفسهم وأشربت بأفكار المعتزلة وأهل البدع من جهة والتأثر بالفكر التغريبي العلماني من جهة أخرى:

السؤال الأول: هل يقرون بأن السنة النبوية الشريفة مصدر للتشريع يحتكم إليها أم لا؟ فإن كان الجواب بلا فقد ارتدوا وإن كان الجواب بنعم فإن كانوا جهلة علموا وإن كانت عندهم شبهات أو شهوات أزيلت؛ ولهذا قدمت النصيحة والتحذير عن الردة.

السؤال الثاني: ما اعتقادهم نحو أحكام القِصاص وقتال الكفار المحاربين والردة والحِرابة والحدود بصورة عامة؟ فإن كان الجواب بلا فقد ارتدوا وإن كان الجواب بنعم فإن كانوا    جهلة علموا وإن كانت عندهم شبهات أو شهوات أزيلت؛ ولهذا قدمت النصيحة والتحذير عن الردة.

السؤال الثالث: هل للنبي صلى الله عليه وسلم أن يشرع أمراً لم يرد في القرآن الكريم؟ فإن كان الجواب بلا فقد ارتدوا وإن كان الجواب بنعم فإن كانوا جهلة علموا وإن كانت عندهم شبهات أو شهوات أزيلت؛ ولهذا قدمت النصيحة والتحذير عن الردة.

السؤال الرابع: هل النبي صلى الله عليه وسلم يفعل أمراً يخالف فيه القرآن الكريم؟ فإن كان الجواب بلا فقد ارتدوا وإن كان الجواب بنعم فإن كانوا جهلة علموا وإن كانت عندهم شبهات أو شهوات أزيلت؛ ولهذا قدمت النصيحة والتحذير عن الردة.

وإلا فلم سكت الله تعالى في القرآن الكريم عنه؟!هل لا يعلمه؟ أم عاجز عن التصريح به؟ أم علمه وبلغ به رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يعبأ به؟تبارك الله تعالى وحاشا لله تعالى أن يفعل صديق وليس الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن هذا تنزل معهم.

السؤال الرابع: بماذا يفسرون فعل النبي صلى الله عليه وسلم للرجم؟ أعبث هو؟أم تطبيق للوحي؟

السؤال الخامس: ألم يعلموا أنهم بإنكارهم حكم الرجم قد انحطوا في درك تحت كفار الجاهلية أيام النبي صلى الله عليه وسلم وتحت اليهود لوجوده في شريعتهم بل وتحت القردة من الحيوانات كما في صحيح الإمام البخاري لما رجمت القردة الزانية مع عدم تكليفهم!

السؤال السادس: من الذي يحدد الرحمة من ضدها على المخلوقين؟ الله رب العالمين أم مردة الكفرة والملحدين ممن أفسدوا في الأرض باسم صلاحها ومن لف لفهم من أشباه المستسلمين؟

السؤال السابع: أليس القتل في الجهاد الشرعي والقِصاص والحِرابة والحدود والردة وفقء العين وخلع الدرس وكسر اليد و وقتل بعض الحيوانات المؤذية و. . . منافياً للرحمة المزعومة؟وأين رحمتهم عندما يحتلون بلدان المسلمين ويعتدون على الأخضر واليابس؟فقط هي أحكام شيطانية وضعت فقط للأمة الإسلامية.

السؤال الثامن: أما لاحظوا أن استدلالهم بجزء من الأدلة الشرعية وإنكارهم للباقي هو فعل اليهود والنصارى ممن يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض؟ كما قال الله تعالى في محكم التنزيل: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)) البقرة/85 وقوله: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً # أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً )))النساء/150-151وقوله: ((وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))آل عمران/72.

السؤال التاسع: أما سألوا أنفسهم ما عاقبة مكرهم وثمرة جهدهم في الدنيا والآخرة من إنكار مثل هذا الحكم؟

السؤال العاشر: أما قرؤوا تاريخ المغرضين والشانئين في كل مكان وحين ماذا حصدواغيرشر العاقبةو سوءالخاتمة و الذكرى في الدنيا والآخرة.

وقد انتشر في الآونة الأخيرة مقال لكاتب[5]. . .

 خلاصته: ( لا رجم في شريعة الرحمة الإسلامية!)

ومن الملاحظ ولبادئ ذي بدءٍ أنه استعمل وصف (الرحمة) “كلمة حق أريد بها باطل[6]” استعطافاً لقلوب من لم يقدر ولم يرجُ لله وقاراً من الكفار والملحدين من جهة

واستمالة لضعاف القلوب من السذج وأهل الأهواء والبدع من جهة أخرى وأراد تثبيت فهم غالط وفكر منحرف في قلوبهم لكن باسم الشريعة الإسلامية وأراد أن يستقر في أذهان القارئين أو المستمعين لهذا الإفك من البداية فيجعل قلوبهم تُشرب بأي دليل باطل معنىً أو حجة هاوية ساقطة أو منطق سخيف معوج ليؤيد فكرته، وبالنسبة لوصف(الرحمة)

وهل كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بلارحمة لما حكم بالرجم وباشره بنفسه الشريفة وكذلك الحال في قطع يد السارق وجلد القاذف وسَمَل أعين العُرَنيين[7] فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ناساً من عُرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها، فقال لهم رسول الله عليه وسلم: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا، فصحّوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في أثرهم، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمَّل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا،وهذا سياق الإمام مسلم
وزاد في رواية: ( قال أنس: إنما سمّل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة.
وزاد أبوداود في رواية: فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً }المائدةالآية /33…ثم محاولة هدم الشريعة_تباً لهم_ ومن ثم سائر الأخلاق والأعراف المؤيدة له!؟!حاشاه صلى الله عليه وسلم وفداه أنفسنا وأهلينا.

 الآن تكلموا في الرجم وغداً سيبحثون عن شبهات لإلغاء حد الحرابة وحد الردة والقِصاص وبعد غد سيكون الكلام حول الرأفة بالإنسان ثم الحيوان وعدم قتل بعض الحيوانات ذات الأذى. . . وهكذا.

وما يدريك لعل بعض المنتسبين إلى الإسلام تنحط عقولهم فتتهوع بحماية البقر وسائر الحيوانات من الذبح بل يريدون كائنات تهيم في الأرض كالبهيم تماشياً مع جمعيات حقوق الحيوان!

وحينها سيتشبهون بِتُومَا:

قَالَ حِمَارُ الْحَكِيمِ[8] تُومَا. . . لَوْ أَنْصَفُونِي لَكُنْتُ أَرْكَبُ

 لأَنَّني جَاهِلُ بَسِيطٌ. . . وَرَاكِبِي جَهْلُهُ مُرَكَّبُ

وسبب التأخير أن تلك الحدود موجودة في القرآن الكريم الذي له قداسة عند أهله لا عندهم فإنه بالنسبة إليهم أحد مصادر ومراجع الثقافة والمعرفة.

لكنهم الآن يحاولون_وبئس الفعال هو_ كسر باب عظيم؛ حتى يلجوا منه لباقي الشريعة كما يبدأ المغرضون بإثارة شبهات حول القرآن فإذا راجت وماجت ستلغى الكتب السابقة من باب أولى، وهكذا يثيرون الشغب حول بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعدل عمر وحفظ أبي هريرة رضي الله عنهما وفقه أبي حنيفة رحمه الله…هذا خبث متوارث لكن أنى لهم وحول العرين ليوث ضارية على أعداء الدين الذين يتكلمون باسم الدين والله أعلم كم لهم فيه من نصيب؟!

فهؤلاء مهما تكلموا باسم الإسلام ليخلطوا وليلبسوا على الناس الحق بالباطل فيقال لهم:

ويا ليت أولئك الكتاب اقتصروا على ما يتقنون من فنون ويبرعون فيها ويخدمون الكون والبشرية به لكنهم في كل وادٍ يهيمون وتجدهم يقولون مالا يعلمون ولا يعتقدون ويشترون بآيات الله ثمناً قليلاً وإلا فمن مصلحة من نشر أمثال هذه الأمور؟ أيستطيع هو أو أمثاله الدخول على أباطيل العلمانيين ويعددها أو يعدد سمومها هي وكل من شاكلها من أصناف أهل الكفر والضلالة أم البقاء بين ظهرانَي الكفار والليبراليين والعلمانيين و. . . له ثمن آخر؟! فسيأخذ شهرة ومالاً وجاهاً في الدنيا لكنه سيسأل يوم القيامة لوجه من نشرت ذلك المقال؟!وماذا ابتغيت منه؟!نشر العفة والفضيلة أم السترعلى أهل العهر والرذيلة؟!

فيقال لهذا ومن لف لفه أبشر فحالك كأنما عناه الأعشى بقوله:

كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها[9] *** فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

ومن غرائب هذا الإنسان أنه ذونشأة دينية راقية ومحافظة جداً مما يجعل العاقل في حيرة فما يدري يضحك أم يبكي لتلك الانتكاسات ولقد صدق أبو الطيب المتنبي حين قال:

وكم ذا[10] بمصرَ من المضحكاتِ ***ولكنه ضحكٌ كالبكا

وكفى المرء إثماً أن يُقرن اسمه في مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بمعاداة الإسلام ورضى أهل الكفر والعهر والضلالة عنه كما يكفي المرء تيهاً وشرفاً أن يسط اسمه مع أهل نصرو شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

فدعْ عنك الكتابةَ لستَ منها. . . . . . ولو غرَّقتَ[11] ثوبك في المِدادِ

فكثير ممن امتن الله تعالى عليهم بطرف علم لكنهم انسلخوا منه فصاروا جزءاً ممن حمل العلم كمن حمل التوراة فشبههم أرحم الراحمين العزيز الحكيم بالكلب والحمار فدخولهم غمار الهوى والشهوات والشبهات يسلبهم علومهم فلا ترجع إليهم بخير في الآخرة وتجعلهم حيرى مع أم عمرو:

ألاَ ذهبَ الحِمارُ لأُم عَمْرو. . . فلا رَجَعتْ وَلا رَجَع الحمارُ

هذا وسأجعل كلامه بين قوسين اللون الأحمر

لا رجم في الإسلام (هذا مااقترفته أيديهم)

فذكر هذا الكاتب عشرين ملاحظة يقول فيها. . لا رجم في شريعة الرحمة الإسلامية.

1_ الرجم من المصائب الفقهية الكبرى في تاريخ الإسلام

((سبحانك هذا بهتان عظيم)) ليست من المصائب بل هو حكم وتشريع نبوي كريم ثابت عن النبي الأمين صلى الله عليه وسلم ثبوت الشمس في رابعة النهار فهو في أعلى درجات الصحة المسندة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند من يوقر السنة النبوية الشريفة المطهرة فقد ثَبَتَ ذلك في مسند الإمام أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وأهل السنن والمسانيد والموطآت وغير ذلك من دواوين المسلمين أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم للزاني المحصن هي الرجم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالرجم كما أنه فعله بنفسه الشريفة وفعله أصحابه معه

فهذه السنة في الرجم للزاني المحصن.

وبما أن كثيراً من الكتاب يجهلون أو يتجاهلون المقصود بالسنة فسأشير إلى معناها بإيجاز عند المحدثين والأصوليين معاً:

السنة: هي أقوال النبي r أو أفعاله أو تقريراته؛ لأنه لا يقر على باطل.

والسنة: مكملة للقرآن الكريم وموضحة له ومبينة له وقاضية عليه في إيضاح المراد مما فيه دلالات. . . وليراجع ما قاله الشيخ أبوزهرة الذي استدل ذلك الكاتب بقوله في تعريفه للسنة وأنها قاضية على القرآن أم لا؟!

 وبعده حتى خاف عمر رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين أن يأتي أقوام الله أعلم بمعتقداتهم ومن يؤزهم فيقولون: قرأنا القرآن الكريم كله ولم نجد الرجم فيه!

والحقيقة أنهم ماقرؤوا وما فهوا كقول الشاعر:

رزقوا وما رزقوا سماح يد. . . فكأنهم رزقوا وما رزقوا

فقال لذلك عمر رضي الله عنه كما في الموطأ الإمام مالك ومسنَدَيْ الإمام أحمد وأبي يعلى وصححه الترمذي وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: ” سمعت عمر بن الخطاب ، يخطب: أيها الناس، إن الرجم حق، فلا تخدعن عنه، وإن آية ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم، وأن أبا بكر قد رجم، وأنا قد رجمنا بعدهما، وسيكون قوم من هذه الأمة، يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا. “

وعلق على ذلك الإمام أبو عمر ابن عبد البر[12]: ” قال أبو عمر: الخوارج كلها، وكثير من المعتزلة، يكذبون بهذا كله”.

فالغالب على من يتمنطقون في هذه الأوقات إنما هم ينعقون بما لا يعقلون لذينك الفئتين المنحرفتين: فئة الخوارج وفئة المعتزلة الذين امتدادهم في هذه الأزمان أصحاب المدرسة العقلانية.

وقد جمع الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله[13] ما يتعلق بمسألة الرجم بقوله: “. . . ابن عباس أخبره أن عمر، رضي الله عنه، قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإن الله بعث محمدًا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها وَوَعَيْناها، وَرَجمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَرَجمْنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو الحبل، أو الاعتراف.

أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا وهذا قطعة منه، فيها مقصودنا هاهنا.

وروى الإمام أحمد. . . أن عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته يقول: ألا وَإنّ أناسا يقولون: ما بالُ الرجم؟ في كتاب الله الجلدُ. وقد رَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَجمَنا بعده. ولولا أن يقول قائلون -أو يتكلم متكلمون -أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت.

وأخرجه النسائي، من حديث عُبَيْد الله بن عبد الله، به.

وقد روى أحمد. . . عن ابن عباس قال: خطب عمر بن الخطاب فذكر الرجم فقال: لا تُخْدَعُن عنه؛ فإنه حَدٌّ من حدود الله ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورَجمَنا بعده، ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب الله ما ليس فيه، لكتبت في ناحية من المصحف: وشهد عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وفلان وفلان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده. ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال وبالشفاعة وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتُحِشُوا.

وروى أحمد أيضا، عن يحيى القَطَّان، عن يحيى الأنصاري، عن سعيد بن المسيَّب، عن عمر بن الخطاب: إياكم أن تهَلكوا عن آية الرجم.

الحديث رواه الترمذي، من حديث سعيد، عن عُمَر، وقال: صحيح

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: . . . كَثِير بن الصلت قال: كنا عند مروان وفينا زيد، فقال زيد: كنا نقرأ: “والشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة”. قال مروان: ألا كتبتَها في المصحف؟ قال: ذكرنا ذلك وفينا عمر بن الخطاب، فقال: أنا أشفيكم من ذلك. قال: قلنا: فكيف؟ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذكر كذا وكذا، وذكر الرجم، فقال: يا رسول الله، أكْتِبْني آية الرجم: قال: “لا أستطيع الآن”. هذا أو نحو ذلك.

وقد رواه النسائي، عن. . . عن كَثِير بن الصَّلْت، عن زيد بن ثابت، به.

وهذه طرق كلها متعددة ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها، وبقي حكمها معمولاً به، ولله الحمد.

وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم هذه المرأة، وهي زوجة الرجل الذي استأجر الأجير لما زَنَت مع الأجير. ورجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعزًا والغامِدِيَّة. وكل هؤلاء لم يُنقَل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جَلدهم قبل الرجم. وإنما وردت الأحاديث الصِّحَاح المتعددة الطرق والألفاظ، بالاقتصار على رجمهم، وليس فيها ذكر الجلد؛ ولهذا كان هذا مذهب جمهور العلماء، وإليه ذهب أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، رحمهم الله. وذهب الإمام أحمد، رحمه الله، إلى أنه يجب أن يجمع على الزاني المحصَن بين الجلد للآية والرجم للسنة، كما روي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه لما أتي بشُرَاحة وكانت قد زنت وهي مُحْصَنَةٌ، فجلدها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ثم قال: جلدتهُا بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد روى الإمام أحمد ومسلم، وأهل السنن الأربعة، من حديث قتادة، عن الحسن، عن حِطَّان بن عبد الله الرَّقَاشِيّ، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البِكْر بالبِكْر، جَلْد مائة وتغريب سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم”.

وقوله: { وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } أي: في حكم الله. لا ترجموهما وترأفوا بهما في شرع الله، وليس المنهي عنه الرأفة الطبيعية [ألا تكون حاصلة] على ترك الحد، [وإنما هي الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك الحد] فلا يجوز ذلك”. انتهى.

فكأنما كوشف سيدنا عمر رضي الله عنه بأولئك الذين وصفهم: ناس كذب ضلال خداع.

وهذا الذي الصنف الذي يحكم العقل ويجعله فوق الشرع حذرنا منه رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجَهْ والطحاوي وغيرهم وصححه الألباني: من عدة أوجه من حديث أبي رافع، وأبي ثعلبة، وغيرهما أنه قال: ” لا أُلفيَنَّ أحدَكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: بيننا وبينكم القرآن، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرامٍ حرمناه! ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه ” وفي رواية: ” ألا وإنه مثل الكتاب علق الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى على هذا الحديث بقوله: ” قال ابن حزم: فصح أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كله في الدين وحي من عند الله عز وجل ولاشك في ذلك

وقال: ولو أن امرأ قال: لا نأخذ إلا ما وجدناه في القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة “.

وعلق الشيخ الألباني[14] على الحديث بقوله: ” بل إن من المؤسف أن بعض الكتاب الأفاضل ألف كتابا في شريعة الإسلام وعقيدته وذكر في مقدمته أنه ألفه وليس لديه من المراجع إلا القرآن. فهذا الحديث الصحيح يدل دلالة قاطعة على أن الشريعة الإسلامية ليست قرآنا فقط وإنما قرآن وسنة فمن تمسك بأحدهما دون الآخر لم يتمسك بأحدهما لأن كل واحد منهما يأمر بالتمسك بالآخر كما قال تعالى: ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) [ النساء: 80 ] وقال: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [ النساء: 65 ] وقال: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) [ الأحزاب: 36 ] وقال: ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر: 7 ]

 وبمناسبة هذه الآية يعجبني ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو أن امرأة جاءت إليه فقالت له: أنت الذي تقول: لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات.. الحديث؟ قال: نعم قالت: فإني قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره فلم أجد فيه ما تقول فقال لها: إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت: ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) قالت: بلى قال: فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لعن الله النامصات. . الحديث [ متفق عليه ]

وهذا ما تعجب منه علماؤنا الأقدمون كما قال الإمام ابن أبي العز الحنفي[15] رحمه الله تعالى: ” وكيف يتكلم في أصول الدين من لا يتلقاه من الكتاب والسنة وإنما يتلقاه من قول فلان؟ ! وإذا زعم أنه يأخذه من كتاب الله لا يتلقى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول ولا ينظر فيها ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان المنقول إلينا عن الثقات النقلة الذين تخيرهم النقاد فانهم لم ينقلوا نظم القرآن وحده بل نقلوا نظمه ومعناه ولا كانوا يتعلمون القرآن كما يتعلم الصبيان بل يتعلمونه بمعانيه ومن لا يسلك سبيلهم فإنما يتكلم برأيه ومن يتكلم برأيه وما يظنه دين الله ولم يتلق ذلك من الكتاب فهو مأثوم وإن أصاب ومن أخذ من الكتاب والسنة فهو مأجور وإن أخطأ لكن إن أصاب يضاعف أجره “.

ولو كلف نفسه وفتح أي كتاب فقه سواء ما عليه أهل بلدته أم غيره لوجد مسألة الرجم للمحصن جزءاً من الدين وأنها عقيدة لعجائز البادية قبل من يسمون أنفسهم بالمتنورين.

، وهو أبلغ مثال على التخلي عن المحكمات القرآنية واتباع الآثار المضطربة.. وإليكم البيان:

2 – تتراوح عقوبة الزنا في القرآن الكريم بين ثلاثة: جلد الزانيين: قال الله تعالى: (فاجلدوا كل واحد منهما)، والإقامة الجبرية للنساء: قال الله تعالى: (فأمسكوهن في البيوت)، وأذية الرجال: (فآذوهما).

***سبحانك هذا بهتان عظيم! هذه فرية على دين الله تعالى يروج لها من ليسوا من أهله فعجيب بالكاتب أنه جاراهم فيها!

هلا قرأ ما جاء في تفسيرها في كتب الأسانيد الثابتة الصحيحة ليعرف الحق فيلزمه؟

من الذي اخترع تلك الخُرافة أن الزنا في القرآن الكريم ثلاثة أنواع: جلد وإقامة جبرية وأذية للرجال؟

أما سمع الكاتب بأحكام النسخ في القرآن الكريم؟ فإن كان الجواب بلا فهي مصيبة إذكيف تفوه وأهرف بما لا يعرف وإن كان الجواب بنعم فهل كتمان للحق أم نفي لوقوع النسخ في القرآن الكريم؟ولكل رد ليس هذا موضعه.

ففي القرآن الكريم آيات لا يقول بظاهرها وهي منسوخة أفيلزم بما التزمه أم رمتني بدائها وانسلت كما فعل حمقى وضاعي الحديث ظنوا _وبئس ما فعلوا_ أنه لن يبحث أحد وراءهم جهلاً منهم بالردود الخانقة الحارقة من أهل السنة على فئات أهل الباطل المارقة.

وعلى سبيل المثال لو فتح تفسير الطبري لهذه الآية لوجد فيه: ” عن عبادة بن الصامت قال، كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذِ احمرَّ وجهه، وكان يفعل ذلك إذا نـزل عليه الوحي، فأخذه كهيئة الغَشْي لما يجد من ثِقَل ذلك، فلما أفاق قال: ” خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البكران يجلدان وينفيان سنة، والثيبان يجلدان ويرجمان “.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: ” أو يجعل الله لهن سبيلا “، قول من قال: السبيلُ التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصَنَيْن، الرجم بالحجارة، وللبكرين جلد مئة ونفي سنة = لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رَجم ولم يجلد = وإجماعِ الحجة التي لا يجوز عليها فيما نقلته مجمعةً عليه، الخطأ والسهو والكذب = وصحةِ الخبر عنه أنه قضى في البكرين بجلد مئة ونفي سنة. فكان في الذي صح عنه من تركه جلدَ من رُجم من الزناة في عصره، دليلٌ واضح على وهَاء الخبر الذي روي عن الحسن عن حطان، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: السبيل للثيب المحصن الجلدَ والرجم. “. انتهى.

وأن على هذا إجماع الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين الذين شهدوا التنزيل ولا يخالف في هذا إلا من هو أضل من حمار أهله.

3 – تخلَّص الفقهاء من عقوبة الإقامة الجبرية للنساء، وعقوبة الأذى للرجال، بحجة أن الآيتين اللتين وردت فيهما العقوبتان منسوختين.

من رحمة الله تعالى بأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة أن خفف عنها وأزال عنها إصر من قبلها من الأمم. . . ومنه النسخ الثابت بنص الكتاب والسنة المطهرة، وتقدم الكلام آنفاً عن النسخ.

4 – وجاء الفقهاء بعقوبة غريبة عن روح الإسلام، ومناقضة لنص القرآن، وهي الرجم. . ففرضوها عقوبة للزاني المحصن والزانية المحصنة.

قائل هذه العبارة إما جاهل يعرَّف وإماصاحب هوىً لشبهة أو شهوة فإنه تزال شبهته وتدحض حججه الهشة وإما طاعن في مرتد عن دين رب العالمين فإن له تعاملاً يتماشى مع ما يتبعه من اعتقاد.

فالنبي صلى الله عليه وسلم طبق حكم الرجم بنفسه الشريفة على المسلمين والكتابيين وقاله بلسانه الشريف فلا داعي للمراوغة على حساب الدين فوالله كل ما سيجمعه أولئك لا يساوي غمسة في سقر لو كانوا يعقلون.

وهل هذه الدقة المتناهية والبحث المؤصل المقعد اتبعه مع اعتقادات اليهود والنصارى وتاريخهم وافترائهم وكذلك هل اتبع هذا المنهج العلمي الرصين مع المستشرقين والعلمانيين و… من الفرق الكافرة أو المارقين؟ أم الإسلام أخفض حائض يقفز على التجرؤ عليه لعدم إقامة الحدود على المرتدين والشانئين؟

فلا مزايدة على حساب الدين بل هرطقة تخرج صاحبها من الدين.

5 – وهكذا أراد الله عقوبة الزاني عذابا: (ويدرأ عنها العذاب) (ما على المحصنات من العذاب). . وجعلها فقهاءُ الرجم تقتيلا وتمثيلا، فأيهما أحسن قيلا؟

الغريب أن الكاتب يكتب بنفس لغة وحروف القرآن الكريم لكن على طريقة ” فويل للمصلين” ويوم تبلى السرائر سنرى لحساب من يزايدون وعلى الإسلام يفترون.

بل في نفس الآية رد عليه فلو لم تدرأ عن نفسها ولم تحلف فماذا سيفهم من ذلك؟ أترك الجواب للكاتب المنطيق.

والآية الأخرى في سياق آخر يتعلق بأمر آخر لو قلبه لأراح نفسه وأترك للكاتب المنطيق الجواب.

6 – بنى الفقهاء عقوبة الرجم على أحاديث مضطربة المتون، معلولة الأسانيد، مثل حديث الغامدية، وحديث الداجن، وحديث المجنونة !!

***لو أراد عاقل علاج (يد أو رِجل) حيوان أليف عنده. . . فإنه يذهب إلى طبيب بيطري أو من له خبرة مشهود له بها.

لكن من الحمق أن يذهب بها إلى أكبر أطباء العالم في جراحة العيون. . . فكيف إن ذهب إلى إسكافي؟!

ورحم الله تعالى الحافظ ابن حجر لما قال عن إمام في الحديث من شراح صحيح الإمام البخاري (وليس عن متعالم) لكنه تكلم في غير فنه فعلق عليه قائلاً: ” من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب”!

وهذا كذاك وجهان لعملة واحدة. . .

ممكن لإنسان التغريد أو كتابة مقال كيفما يحلو له لكن لا يتكلم في الطب أو الهندسة أو. . . إن لم يكن من أهل هذا الفن وبما أن الشريعة الإسلامية الآن لا يؤخذ على يد المفتري ويؤطر على الحق أطراً فكل يدعي وصلاً بليلى

فما لك وللحديث فله رجاله وجهابذته وإذا أردت فهم الحديث فارجع إلى كبار الشراح وهناك أكثر من مائة وجه للجمع بين الأحاديث التي ظاهرها تعارض وإنما التعارض في فهوم الناس وليس من عند سيد الناس صلى الله عليه وسلم فضلاً عن مجيئه في كتاب رب الناس. عز وجل. . وارجع إلى كتاب درء تعارض النقل مع العقل=موافقة صحيح المنقول لصحيح المعقول للإمام ابن تيمية وأشرطة للشيخ الدكتور/عبد الرحيم الطحان[16]:

أما حديث الغامدية رضي الله عنها: فإليك تفصيله هنا:

أولاً: العلاقة بين البطن والقبيلة عند علماء النسب مطبقاً على حديث الغامدية الجهنية رضي الله عنها: لأن الأحاديث الواردة بعضها جاءت بتعبيرين لوعلم المعترض العلاقة بين البطن والقبيل لارتاح وأراح ولكن حكمة الله بالغة وظاهرة فقد أظهرت عوار كل مفترٍ على الشريعة أما التعبيران الذان جاء بهما الحديث:

أحدهما: وصفها ونسبها إلى القبيلة مباشرة فقال: جهنية.

والثاني: وصفها ونسبها إلى بطن من القبيلة فقال: غامدية.

 وهما واحد؛لأن كلاً من: وغامد وبارق واحد وغامد بطن من جهينة كما قال الإمام أبوداود[17] راوي الحديث نفسه: ” قَالَ الْغَسَّانِىُّ جُهَيْنَةُ وَغَامِدٌ وَبَارِقٌ وَاحِدٌ “. انتهى.

وقال الإمام النووي[18]: ” قَوْله: ( جَاءَتْ اِمْرَأَة مِنْ غَامِد ) هِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَة وَدَال مُهْمَلَة وَهِيَ بَطْن مِنْ جُهَيْنَة”. انتهى.

قال العلامة محمد بن عبد الرحمن الغِرناطي[19]

الشعب ثم قبيلة وعمارة*** بطن وفخذ والفصيلة تابعه

فالشعب مجتمع القبيلة كلها*** ثم القبيلة للعمارة جامعه

والبطن تجمعه العمائر فاعلمن*** والفخذ تجمعه البطون الواسعه

والفخذ يجمع للفصائل هاكها ***جاءت على نسق لها متتابعه

فخزيمة شعب، وإن كنانة ***لقبيلة منها الفصائل شائعه

وقريشها تسمى العمارة يا فتى***وقصي بطن للأعادي قامعه

ذا هاشم فخذ وذا عباسها*** أثر الفصيلة لا تناط بسابعه

والحديث الذي وصفها بالجهنية صحيح ثابت[20]

كما الحديث الذي وصفها بالغامدية صحيح ثابت[21]

ثانياً: سرد الأحاديث[22] المتعلقة بقضية رجم الغامدية الجهنية مع إطلالة على المساجلات العلمية عند من يرجون رحمة رب البرية وليس عند من ينشرون الرذيلة في الأمة المحمدية:
وهو في مسلم (4406) من طريق غيلان بن جامع عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، وفي (4407) من طريق ابن نمير عن بشير بن المهاجر عن عبد الله عن أبيه به نحو الروايات التالية:
سنن الدارمي – حديث رقم 2324 – ج2/ص235
2324 أخبرنا أبو نعيم ثنا بشير بن المهاجر حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم
فجاءته امرأة من بني غامد فقالت يا نبي الله اني قد زنيت وأني أريد ان تطهرني فقال لها ارجعي فلما كان من الغد أتته أيضا
فاعترفت عنده بالزناء فقالت يا نبي الله طهرني فلعلك ان ترددني كما رددت ماعز بن مالك فوالله إني لحبلى فقال لها النبي صلى
الله عليه وسلم ارجعي حتى تلدي فلما ولدت جاءت بالصبي تحمله في خرقة فقالت يا نبي الله هذا قد ولدت فقال اذهبي فأرضعيه ثم
افطميه فلما فطمته جاءته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت يا نبي الله قد فطمته فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فدفع إلى
رجل من المسلمين وأمر بها فحفر لها حفرة فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها
فتلطخ الدم على وجنة خالد بن الوليد فسبها فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال مه يا خالد لا تسبها فوالذي نفسي بيده
لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له فأمر بها فصلى عليها.
مسند الإمام أحمد بن حنبل – حديث رقم 22999 – ج5/ص348
22999 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا بشير حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي صلى الله
عليه وسلم فجاءته امرأة من غامد فقالت يا نبي الله إني قد زنيت وأنا أريد أن تطهرني فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرجعي
فلما أن كان من الغد أتته أيضا فاعترفت عنده بالزنا فقالت يا رسول الله إني قد زنيت وأنا أريد أن تطهرني فقال لها النبي صلى
الله عليه وسلم ارجعي فلما أن كان من الغد أتته أيضا فاعترفت عنده بالزنا فقالت يا نبي الله طهرني فلعلك أن تردني كما رددت
ماعز بن مالك فوالله إني لحبلى فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ارجعي حتى تلدي فلما ولدت جاءت بالصبي تحمله فقالت يا نبي
الله هذا قد ولدت قال فاذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته جاءت بالصبي في يده كسرة خبز قالت يا نبي الله هذا قد فطمته
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فدفعه إلى رجل من المسلمين وأمر بها فحفر لها حفرة فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر
الناس أن يرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجنة خالد فسبها فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه
إياها فقال مهلا يا خالد بن الوليد لا تسبها فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تأبها صاحب مكس لغفر له فأمر بها فصلى عليها ودفنت.
السنن الكبرى – حديث رقم 7197 – ج4/ص288
7197 أخبرني أحمد بن يحيى الأودي كوفي قال ثنا أبو نعيم قال ثنا بشير بن مهاجر قال ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت
جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة فقالت يا نبي الله إني قد زنيت وإني أريد أن تطهرني فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ارجعي فلما كان من الغد
أتته فاعترفت عنده بالزنا فقالت يا نبي الله طهرني لعلك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك والله إني لحبلى فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم
ارجعي حتى تلدي فلما ولدت جاءته بالصبي تحمله في خرقة فقالت يا نبي الله هذا قد ولدت قال فاذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته
جاءت بالصبي وفي يده كسرة خبز فقالت يا نبي الله هذا قد فطمته فأمر بالصبي فدفعه إلى رجل من المسلمين وأمر بها فحفروا لها
حفرة فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها فأقبل خالد بن الوليد فرماها فانتضح الدم على وجه خالد أو جبهته فسبها فسمع
النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال مهلا يا خالد لا تسبها فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه فأمر بها وصلى عليها ودفنت.
سنن البيهقي الكبرى – حديث رقم 16784 – ج8/ص230
16784 أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأ أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ ثنا أحمد بن نصر ثنا أبو نعيم ثنا بشير بن مهاجر
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من غامد فقالت أني قد زنيت وإني
أريد أن تطهرني فذكر الحديث إلى أن قالت فوالله أني لحبلى فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ارجعي حتى تلدي فلما ولدت جاءت
بالصبي في خرقة فقالت يا رسول الله أني قد ولدت فقال اذهبي حتى تفطميه فلما فطمته جاءته بالصبي في يده كسرة فقالت يا رسول الله
هذا قد فطمته فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفرت لها حفيرة فجعلت فيها إلى
صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها وذكر الحديث أخرجه مسلم في الصحيح من حديث بشير بن المهاجر.
ومن حديث الحهنية:
وهو في مسلم أيضاً (4408) من طريق هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير به نحو الروايات التالية:
سنن أبي داود – حديث رقم 4440 – ج4/ص152
4440 حدثنا مسلم بن إبراهيم أن هشاما الدستوائي وأبان بن يزيد حدثاهم المعنى عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن
حصين أن امرأة قال في حديث أبان من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنها زنت وهى حبلى فدعا النبي صلى الله عليه
وسلم وليا لها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن إليها فإذا وضعت فجئ بها فلما أن وضعت جاء بها فأمر بها النبي صلى
الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم أمرهم فصلوا عليها فقال عمر يا رسول الله تصلى عليها وقد زنت قال
والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لم يقل عن أبان فشكت عليها ثيابها.
سنن الترمذي – حديث رقم 1435 – ج4/ص43
1435 حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن
امرأة من جهينة اعترفت عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنى فقالت إني حبلى فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن
إليها فإذا وضعت حملها فأخبرني ففعل فأمر بها فشدت عليها ثيابها ثم أمر برجمها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر بن الخطاب يا رسول الله رجمتها ثم تصلي عليها فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت شيئا أفضل من أن جادت بنفسها لله. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
سنن النسائي (المجتبى) – حديث رقم 1957 – ج4/ص64
1957 أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد قال حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن
ين أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أني زنيت وهي حبلى فدفعها إلى وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت
فائتني بها فلما وضعت جاء بها فأمر بها فشكت عليها ثيابها ثم رجمها ثم صلى عليها فقال له عمر أتصلي عليها وقد زنت فقال لقد
تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل.
مسند الإمام أحمد بن حنبل – حديث رقم 19968 – ج4/ص440
19968 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان يعنى العطار ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن
حصين ان امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالت له انى أصبت حدا فأقمه على وهى حامل فأمر بها ان يحسن
إليها حتى تضع فلما وضعت جىء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فشكت عليها ثيابها ثم رجمها ثم صلى عليها فقال
عمر يا نبي الله تصلى عليها وقد زنت فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله تبارك وتعالى.
صحيح ابن حبان – حديث رقم 4403 – ج10/ص252
4403 أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي 251 قال حدثني
يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن عمه عن عمران بن حصين قال أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من جهينة فقالت يا رسول
الله إني أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها حتى تضع ما في بطنها فإذا وضعت فأتني بها
فلما وضعت أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فشد عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال عمر يا رسول
الله أتصلي عليها وقد زنت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل
وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله جل وعلا قال أبو حاتم رضي الله عنه وهم الأوزاعي في كنية عم أبي قلابة إذ الجواد يعثر فقال عن
أبي قلابة عن عمه أبي المهاجر وإنما هو أبو المهلب اسمه عمرو بن معاوية بن زيد الجرمي من ثقات التابعين وسادات أهل البصرة.
ملحوظة:
سنن أبي داود – حديث رقم 4443 – ج4/ص152
4443 حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح عن زكريا أبي عمران قال سمعت شيخا يحدث عن بن أبي بكرة عن أبيه أن النبي
صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة قال أبو داود أفهمني رجل عن عثمان قال أبو داود قال الغساني جهينة وغامد وبارق واحد. قلت: في رواية مرسلة عند ابن أبي شيبة من طريق الحسن ذكر فيها أن المرأة من بارق.

ثالثاً: الكلام عن الأحاديث التي يوردها أهل الأهواء والبدع ومن لا علم له عندهم بالحديث:

أما حديث الداجن [ أي: الشاة]: فمن أين سمعت به؟! أليس من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهاالصحيح الثابت في الصحيحين وغيرهما؟! فبما أنها تحدثت عن أمور والحديث صحيح ذكرت فيه عدة أشياء وبما أن الداجن من ضمنها فلو شككت في ذلك فإما أن تلغي جميع ما ذكرت أو تثبت جميع ما ذكرت ولا تكن كالذباب لا يقع إلا على الجرح وحال من يفعل ذلك كحال البعير لما يقع في بئر يأتي الحمقى فيسحبونه من ذيله! فإما أن يقتلوه وإما أن يغرقوه.

وإليك الجواب[23]: ” الحديث رواه الإمام ابن ماجه 1/625 والدارقطني: 4/179 وأبو يعلى في مسنده 8/64 والطبراني في معجمه الأوسط 8/12 وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث، وأصله في الصحيحين، وأورده ابن حزم في المحلى 11/236 وقال هذا حديث صحيح. ولبيان هذا الحديث وتوضيحه نقول: إن التشريع الإسلامي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مر بمراحل عدة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم، وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، ومن ذلك وقوع النسخ لبعض الأحكام والآيات، والنسخ عرفه العلماء بأنه: رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر.
ولم يقع خلاف بين الأمم حول النسخ، ولا أنكرته ملة من الملل قط، إنما خالف في ذلك اليهود فأنكروا جواز النسخ عقلاً، وبناء على ذلك جحدوا النبوات بعد موسى عليه السلام، وأثاروا الشبهة، فزعموا أن النسخ محال على الله تعالى لأنه يدل على ظهور رأي بعد أن لم يكن، وكذا استصواب شيء عُلِمَ بعد أن لم يعلم، وهذا محال في حق الله تعالى.
والقرآن الكريم رد على هؤلاء وأمثالهم في شأن النسخ رداً صريحاً، لا يقبل نوعاً من أنواع التأويل السائغ لغة وعقلاً، وذلك في قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير)[البقرة: 106] فبين سبحانه أن مسألة النسخ ناشئة عن مداواة وعلاج مشاكل الناس، لدفع المفاسد عنهم وجلب المصالح لهم، لذلك قال تعالى: (نأت بخير منها أو مثلها) ثم عقب فقال: (ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير*ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير) والنسخ ثلاثة أقسام:
الأول: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، ومثاله آية الرجم وهي(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. . ) فهذا مما نسخ لفظه، وبقي حكمه.
الثاني: نسخ الحكم والتلاوة معاً: ومثاله قول عائشة رضي الله عنها: (كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات يحرمن) فالجملة الأولى منسوخة في التلاوة والحكم، أما الجملة الثانية فهي منسوخة في التلاوة فقط، وحكمها باق عند الشافعية.
وقولها رضي الله عنها: (ولقد كان. . . ) أي ذلك القرآن بعد أن نسخ تلاوة (في صحيفة تحت سريري) والداجن: الشاة يعلفها الناس من منازلهم، وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى: (فصح نسخ لفظها، وبقيت الصحيفة التي كتبت فيها كما قالت عائشة رضي الله عنها فأكلها الداجن، ولا حاجة إليها. . إلى أن قال: وبرهان هذا أنهم قد حفظوها، فلو كانت مثبتة في القرآن لما منع أكل الداجن للصحيفة من إثباتها في القرآن من حفظهم وبالله التوفيق. )
وقال ابن قتيبة:
(فإن كان العجب من الصحيفة فإن الصحف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى ما كتب به القرآن، لأنهم كانوا يكتبونه في الجريد والحجارة والخزف وأشباه هذا.
وإن كان العجب من وضعه تحت السرير فإن القوم لم يكونوا ملوكاً فتكون لهم الخزائن والأقفال والصناديق، وكانوا إذا أرادوا إحراز شيء أو صونه وضعوه تحت السرير ليأمنوا عليه من الوطء وعبث الصبي والبهيمة، وكيف يحرز من لم يكن في منزله حرز ولا قفل ولا خزانة، إلا بما يمكنه ويبلغه وجده، ومع النبوة التقلل والبذاذة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويصلح خفه، ويقول: “إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد”
وإن كان العجب من الشاة فإن الشاة أفضل الأنعام، فما يعجب من أكل الشاة تلك الصحيفة، وهذا الفأر شر حشرات الأرض، يقرض المصاحف ويبول عليها، ولو كانت النار أحرقت الصحيفة أو ذهب بها المنافقون كان العجب منهم أقل.
وقد أجاب أهل العلم عن هذا الحديث بأجوبة أبسط من هذا يرجع فيها إلى أقوالهم لمن أراد المزيد، وصدق الله تعالى إذ يقول: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم)[النساء: 83] فلله الحمد والمنة، فنحن على يقين أنه لا يختلف مسلمان في أن الله تعالى افترض التبليغ على رسول صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ كما أمر، قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)[المائدة: 67] وقال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)[الحجر: 9] فصح أن الآيات التي ذهبت لو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبليغها لبلغها، ولو بلغها لحفظت، ولو حفظت ما ضرها موته، كما لم يضر موته عليه السلام كل ما بلغ من القرآن، وإن كان عليه السلام لم يبلغ أو بلغه ولكن لم يأمر أن يكتب في القرآن فهو منسوخ بتبيين من الله تعالى، لا يحل أن يضاف إلى القرآن.
والله أعلم. “. انتهى.

وأما بالنسبة لحديث المجنونة:

فهو حديث صحيح ثابت رواه الإمام أحمد في مُسْنده وأبو داود والنَّسائي وابن ماجَهْ في سُننهم وعبد الرزَّاق في مُصَنَّفهِ والحاكم في المُسْتدرك وصححه ووافقه عليه الذهبي والحديث رواه ابن خُزيمة وعنه ابن حبان في صحيحيهما وكذلك صححه الإمام ابن المُلَقِّن والزيلعي و الحافظ ابن حجر والألباني والأرناؤوط وقواه أيضاًأبوداود بسكوته عنه.

 ” عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أُتيَ عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناساً، فأمر بها عمر رضي الله عنه أن تُرجم. فمُرَّ بها على علي بن أبى طالب رضي الله عنه فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت فأمر بها عمر أن تُرجم. قال: فقال: ارجعوا بها. ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة، عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يعقل؟ قال: بلى. قال: فما بال هذه ترجم؟ قال: لا شيء. قال: فأرسِلها. قال: فأرسلَها. قال: فجعل يُكبِّر”.

فالاستدلال بحديث المجنونة التي زنت إنما هو حجة على منكر الرجم وليس حجة له فإن علياً رضي الله عنه لما مر عليها وقد استعدوا لرجمها بأمر عمر رضي الله عنه ما قال: لا يوجد في دين الله رجم يا عمر أو للصحابة من أين جئتم بهذا الأمر المخترع؟! بل الذي أنكره رجم المجنونة التي رفع عنها القلم فحضر عنده ماغاب عن غيره أو نسيه

ورحمة الله على الإمام ابن تيميَّة حيث ألمع إلى أن أهل الباطل لا يستدلون بشيء إلا وفيه إبطاله.

7 – جل أحاديث الرجم يتضمن طعنا في حفظ القرآن الكريم. فمن قال بالرجم فهو قائل ضمناً بتحريف القرآن – والعياذ بالله – لأن أغلب أحاديث الرجم تفيد ذلك !

والله لا يسعى لتحريف القرآن إلا من باء بإثم هذه الشبهات الداحضة ومن نشرها أو أعان على نشرها نصرة لمن يرجون الله ولا الدار الآخرة.

ولينظر_ إن كان عندهم بصيرة أوبصر_ من يتولون كِبْر وكُبْر نشر أمثال هذه الفواحش بين المؤمنين ما أجبت عنه آنفاً.

9 – مثال 2: “قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي” [متى كان عمر مجاملا للناس في القرآن؟

هذه عبارة لا تخرج ممن يوقر أهل الجنة والكاتب عربي منطيق يعرف العربية ومرامها ويفقه جيداً دلالات الألفاظ وهذا من الطعن المبطن وسوء الظن في الخليفة الثاني للمسلمين سيدنا عمر رضي الله عنه وإليه_ إن كان له قلب أو ألقى السمع وهو منطيق_ أمرين: أولهما نص أثر سيدنا عمر رضي الله عنه وثانيهما أن غيره من الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين يعلمون بآية الرجم ولكن أهل الشبهات والأواء لهم مسلك آخر كبغاث يصوت خارج سرب البلابل. . .
أولاً[24]:
روى البخاري (6830) ومسلم (1691) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فخطب الجمعة، وكان مما قال رضي الله عنه فقال: (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوْ الِاعْتِرَافُ). زاد أبو داود (4418): (وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكَتَبْتُهَا) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع: (6829) و(6830) في كتاب الحدود. و(7626) في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، وليس فيها اللفظ الوارد في السؤال (لولا أن يقول الناس. . . إلخ).
وقد ذكرها البخاري في كتاب الأحكام معلقة، بلا إسناد: قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي.
ومثل هذا لا يقال فيه: رواه البخاري في صحيحه، إلا أن يقال مع ذلك: إنه رواه معلقاً، فيقال: رواه البخاري معلقاً.
وقد رواها أبو داود موصولةً وصححه الألباني كما سبق.
ثانياً:

. . . لم ينفرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعرفة هذه الآية، فقد ورد عن جماعة من الصحابة إثباتها.
روى ابن ماجه (1944) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد نزلت آية الرجم، وكانت في صحيفة تحت سريري) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وروى الإمام أحمد (1214) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إثباتها، غير أن إسناده ضعيف.
وذكر الحافظ في “فتح الباري” أنه ورد إثبات هذه الآية عن أبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما.
وقد أثبت عمر رضي الله عنه هذه الآية على المنبر في خطبة الجمعة، وكان حاضراً في تلك الخطبة علماء الصحابة وفقهاؤهم وكبراؤهم، وأقروه على إثبات هذه الآية، ولم ينكر عليه أحد منهم، فكيف يقال بعد ذلك: إنها لم يعلمها غير عمر؟!
ثالثاً:
آية الرجم مما يذكره العلماء في “أصول الفقه” من مبحث “النسخ” أنها مما نسخ لفظه وبقي حكمه، فلم تَعُدْ أية من القرآن الكريم، ولكن حكمها باقٍ لم ينسخ، ولعل هذا هو السبب الذي جعل عمر رضي الله عنه لا يكتبها في المصحف، لأنها لما نسخت تلاوتها لم تَعُدْ من القرآن فلا يجوز أن تكتب فيه.
وانظر: “المنتقي شرح الموطأ” حديث رقم (1560).

10- مثال 3: “كم تقرؤون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: قط ! لقد رأيتُها وأنّها لتعادل سورة البقرة وفيها آية الرجم”.

سبق الكلام عن النسخ آنفاً.

11 – من غرائب أحاديث الرجم الأثر الذي يقول “أتيَ عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناسا، فأمر بها عمر أن ترجم ” حتى أقنعه علي بتركها !! رواه أبو داود وأحمد.

سبق الكلام عنها آنفاً.

12 – هنالك خلاف في أسانيد هذه الأحاديث، لكن العلل في متونها أكبر، وأسوأ تلك العلل الطعن الضمني في حفظ القرآن، والمناقضة الصريحة لمضامينه.

صدق سيدنا علي بن أبي طالب[25] رضي الله عنه حينما علق على رفع الخوارج شعار “لا حكم إلا لله ورفعوا المصاحف على الأسنة”: كلمة حق أريد بها باطل”هذا حال الخوارج والمعتزلة ومن خرج فرخاًمنهما الخوارج يتفوهون بكلمات حق يراد بها باطلاً. . . توحيداتباع مستنير حماية جناب الشريعة من التناقض ذكر مصطلحات من الجرح والتعديل هم منا لا في العير ولا في النفير

 فالسذج من الناس يرى ذلك إكباراً للقرآن الكريم وتطبيقاً وتحكيماً له ولكن العلماء بل طلبة العلم رأوه كفراً به وتحريفاً له.

أي كلام في أي شيء. . . إشغال للمسلمين وفقط فكم من الجهود والأوقات ستضيع في سبيل الرد عليهم وهم يعلمون جيداً ما هم عليه من باطل ولما واجهتُ أحد إخوانهم من الذين يسمون أنفسهم قرآنيين وهم في الحقيقة كفرانيين

 ودحضت له حججه قال: ربما من أرسل لورقة ما انتبه إلى. . .

وهنا كذلك عبارات يتلقفونها من هنا وهناك ومن بعض علماء أخيار زلت أقدامهم أو من علماء سوء ثم يرددونها كالببغاوات

والأمر كما قال الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى: ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )) الأنعام/121.

13 – من أمثلة اضطراب أحاديث الرجم: أنها جعلت عقوبة المحصنة الرجم حتى الموت، والقرآن جعل عقوبة المحصنة تُنصَّف. فهل يوجد نصف موت؟!

مشكلة بعض مثيري الشبهات أنهم لا يفقهون أن القرآن الكريم نزل باللغة العربية وأن العرب أهل الفصاحة من اليهود وجاهلية المشركين أيام النبي صلى الله عليه وسلم ما فهموا ذلك الفهم السقيم وتباً لفهم أبوجهل وأبولهب فقها أفضل منه!مع سعيهم الحثيث لمحاولة إظهار النقص عند الشريعة المحمدية الغراء.

وهذا الرد كافٍ.

14 – قصة الغامدية محشوة بالتناقض والغموض، وأوله تضارب الروايات هل المرأة المرجومة غامدية أم جهنية، وهي هي قصة واحدة أم قصتان. . . الخ

أكرر بأكثر من تعبير ليس للجاهل سوى سؤال أهل العلم؛لأنه سيرى كل شيء في الدين إما صعباً وفيه مشقة أو فيه تشابه للكفار أو فيه غموض أو غير مفهوم أو. . .

هي هي نفس الشبهات لكن تتشبع بثياب زور بألوان مختلفة تلبيساً وتضليلاً لهم.

سبق الكلام عنها آنفاً.

15 – حديث الداجن المروي عن عائشة رضي الله عنها قال عنه العلامة المحدّث الجوزقاني في كتابه (الأباطيل والمناكير) إنه حديث باطل…

صاحب البصيرة النيرة والبصر المستنير يرى كل الأشياء لكن الذين غضب الله عليهم من اليهود لا يرون إلا مايروق لهم ويضعون أيديهم على الحق كما في حديث الرجم. . . فهم كالذباب لا يقع إلا على الجرح أما أهل الحق أهل السنة والجماعة فإنهم يذكرون مالهم وما عليهم ثم تأتي التحقيقات العلمية والصناعة الحديثية أو. . . ورحم الله الإمام السمعاني لما ذكر أن الفارق بين أهل الحق وأهل الباطل هو العقل يقصد تقديمه على الشرع.

فهو حديث صحيح ثابت رواه الإمام أحمد في مُسْنده وأبو داود والنَّسائي وابن ماجَهْ في سُننهم وعبد الرزَّاق في مُصَنَّفهِ والحاكم في المُسْتدرك وصححه ووافقه عليه الذهبي والحديث رواه ابن خُزيمة وعنه ابن حبان في صحيحيهما وكذلك صححه الإمام ابن المُلَقِّن والزيلعي و الحافظ ابن حجر والألباني والأرناؤوط وقواه أيضاًأبوداود بسكوته عنه.

فإن قال الجوزقاني عنه باطل فهل يلغي حكم هؤلاء الأئمة؟ وهل هؤلاء على اختلافهم وتباعد أزمانهم وتنوع مشارهم ما توصلوا إلى ما لم يتوصل إليه الجوزقاني؟

وهكذا ابن الجوزي هل بقوله باطل يجب على الأئمة إلغاء بحثهم وتحريهم لقوله؟كلا بل هناك علم الجرح والتعديل من خلال صناعة حديية لها جهابذتها.

وهل يعتقد منكرو حد الرجم للزانية المحصنة أن الجوزقاني لكونه حكم ببطلان حديث المجنونة أنه ينكر حكم رجم الزانية المحصنة؟ألاساء مايفقهون أويعقلون أو يحكمون.

وهناك حِكَمٌ لحد الرجم ألمع إليها الشيخ/عبد العزيز الطريفي[26]

ولم خرج على الأمة في هذا الوقت؟ أترك الإجابة للعقول الموجَّهة.

16 – أطبق علماء المعتزلة على إنكار الرجم منذ القديم. . وقد أصابوا في ذلك وأحسنوا إذ تثبثوا بالقرآن واطّرحوا الآثار المناقضة له.

المعتزلة أساس تقديم العقل على النقل وهو أهل الكلام والكاتب لم ير من المسلمين إلا المعتزلة من المتقدمين ومدرسة العقلانيين من المعاصرين ممن زلت أقدامهم أو تبنوا هذا الفكر الاعتزالي!بل والخوارج.

وهل المعتزلة أهل للاقتداء في الآثار؟أيسر الكاتب منهج المعتزلة في هدم الحديث بادعاء عقلي مبني على السراب؟ أترك له الجواب لمن كان له عقل أو بصيرة أو بصر.

وأكرر مرة أخرى فما تكرر تقرر:

وارجع إلى كتاب درء تعارض النقل مع العقل=موافقة صحيح المنقول لصحيح المعقول للإمام ابن تيمية وأشرطة للشيخ الدكتور/عبد الرحيم الطحان[27].

17 – كل من له ذوق في العربية وقرأ قول تعالى بعد فرض الجلد: (ولا تأخذكم بهما رأفة) عرف أن الجلد قاس بما يكفي ولا عقوبة للزنا أقسى منه.

هل النبي صلى الله عليه وسلم يتحلى بأسمى ذوق رفيع في العربية أم لا؟ فإن كان الجواب بلا فقد ارتدوا وإن كان الجواب بنعم فإن كانوا جهلة علموا وإن كانت عندهم شبهات أو شهوات أزيلت؛ولهذا قدمت النصيحة والتحذير عن الردة.

فليعلم جميع من تفوه بتلك العبارات الرنانة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالرجم وشرعه وشارك في الرجم بل وسمل(سمر ) أعين العُرنيين وأقام حدود الله تعالة كحد القذف وحد السرقة بنفسه الشريفة فبماذا سيعلق أصحاب الذوق العربي على ذلك؟

والله إنهم معروفون “وإن طقطقت بهم الخيول أو هملجت بهم البراذين” إلا أن السماع للغير والإفساد ونشر الرذيلة مكشوفة للعيان لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيه عنزان. لو كانوا يفقهون.

وبين الشيخ/عبدالعزيز الطريفي المقصود من الرأفة والتعليق على الفرق بين حس الناس وحكم الله تعالى[28] وكما كان في القصاص حياة لأولي الألباب كان في الرجم رحمة

لكل إنسان خطاء تواب وأن قسوة العقوبة تسير جنباً إلى جنب مع بشاعة الجريمة

فلو سأل سائل “لماذا[29] جاء حَدُّ الزاني المُحْصَن رجماً بالحجارة المتوسطة الحجم حتى الموت وذلك من أشنع القتلات، إذ هو قتل مع تعذيب مشهود أمام الناس حَتَّى إن مِنْ خُصُوم الإسْلام من يتهجَّم عَلَيْه في الرَّجُم واصفاً إيَّاهُ بالبَشَاعة والوَحْشيَّة ومُجَافَاةِ الآدَميَّة فكيف يكون تنزيلا مِنَ الرحمن الرحيم؟!

الجواب: هذا مما يقوله الخصوم علي العقوبات الشرعية عموما كالقصاص وقطع يد السارق وقتل المرتد، ورجم الزاني المُحْصَن، وجَلْد غير المحصن بمائة جلدة، وحدِّ الحرابة وشارب الخمر وهكذا، ولقد صُنفت في ذلك الكتب والرسائل، وسأتناول هنا قضيِّة الرَّجم والرد علي الخصوص في عشر نقاط جامعة بإذن الله:

1 ـ إن قاعدة العقوبات حتى عند مشرِّعي القوانين الوضعية هي أن قَسْوة العقوبة إنما تحددها خطورة الجريمة، فلا بد من التلاؤم بينهما، وجريمة الزنا في الإسلام هي من أخطر الجرائم التي تعصف بالدين والعرض والنَّسْل والنَّفْس، والمحصن قد عرف سَبيلَ الإحْصَانِ وتمكَّن مِنْه وأخَذَ أجْراً عَلَيْه، فإنْ سَلَكَ سَبيلَ الفَاحِشة بَعْد ذَلك فالرَّجْم هو حُكم الله فيه، ( بخلاف البكر )، حيث تصيب الحجارة جَسَدَه كلَّه فيتألَّم كلُّه كما تجرَّأ وتَلَذَّذ كُلُّه بالفاحشَة المُحرَّمَة بعد أن جرب وذاق الطَّريق الحَلاَل، فالرَّجم ابتداءً عُقوبةٌ متناسبة مع خطورة الجريمة،
أما عند خصوم الإسلام، فالزنا حُرِّيَّةٌ شَخصيَّة ولَيْسَ جَريمة، فطالما أنه بالتراضي فهو قائم علي الحُبّ والتَّلَذذ بلا مفاسد، سواء كان بحْملٍ أو بغير حمل. وهذا الوصف من الخصوم إنما هو ظلم وجهل كما قال تعالي: (( وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )). والله تعالي هو العَليم الحكيم وقد بين مفسدة الزنا فقال: (( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً )).

– نقول لهم: هذا شرع الله المنزَّل وعندنا الدليل أنه مُنَزَّل من عند الله، فهل أنتم أعلم أم الله؟! وهل أنتم أرْأَف؟! ومن ظلمهم وجَهْلِهم في أمر العقوبات عموما: رأفتهم بالجاني القاتل والسارق والزاني والساعي بالفساد وغيره، مع نسيان المَجْنِي عَلَيْه وأهِله، واعتبار مصلحة الجاني مع نسيان مصلحة المجتمع، والغفلة عن قسوة الجريمة مع استكثار العقوبة.

2 ـ نقول لهم هذا شَرْعُ الله المُنَزَّل الذي نؤمن به ومعنا الدليل أنه مُنَزَّل، فهل أنتم أعْلمُ وأرْأفُ وأرْحَمُ أمْ اللهُ الذي خلقكم !!! فإن كنتم في شك من التنزيل فَتَعالَوْا أولاً نُثْبِتُ لكم ذلك وهو سَهْل مَيْسُور، لكل فئات الناس ما يفهمُه ويُنَاسِبُه، للطَّبيب والمهندس والزراعي والفلكي والكيميائي والبحَّار والعامة والخاصة، أقصد الكلام علي إعجاز القرآن.

3 ـ الله تعالى هو الملكُ الحَكَمُ الحق وكل الخلق عبيدُه، خلقهم ورَكَّب فيهم الشَّهَوات وأحياهم ورَزقهم ويُطْعِمُهم ويَسْقيهم ويَشْفِيهم ويُمِيتُهم ويَبْعثهم ويحاسبهم وهو أرحم بهم من الأم بولدها، فهو الذي يَحْكُم ما يريد، يغفر لمن يشاء ويُعَذِّب من يَشَاء، فلا اعتراضِ من العَبِيد على حُكْم المَلِك ولا مُراجعة بل سَمِعْنا وأطَعْنا، وأحْكامه تعالى تابِعةٌ لِصفاته، ومن صفاته غَيْرَتهُ الشَّدِيدَة أَنْ تُؤْتى محارِمُه، أَنْ يَزْنِي عَبْدهُ أَوْ أَمَتُه، كما في الصَّحِيحَيْن: (( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ )) [1]. ومن صفاته أنه العليم الحكيم الخبير، ويعلم الآثار المُدَمِّرة لإستعلان الفاحشة بغير رادع، والمسلم مستسلم لله وحده لا شريك له.

4 ـ لو أن الرَّجَلَ صاحِبَ الغيرة والنخوة، رأى امرأته أو ابْنَته أو أُخْتَه مَثَلاً في حالة زنا، فقد تدفعه غَيْرتُه وحَمِيَّة الجَاهِلِيَّة إلى محاولة القتل أو الفِتك بهما، فلو كرَّرْنا هذه الغَيْرةَ في جَمِيع الآدَمِيِّين وتَصَوَّرنَاها مُجْتَمِعةً في مَخْلُوقٍ فكْيفَ تَكُون؟! فكيف بغيْرَة خَالِقَها عَزَّ وَجَلَّ؟! فإذا اجْتَمعتْ لَهُ سُبْحَانه تِلْك الغَيْرة مَعَ كَمَال العِلْم والرّحْمَةِ والحْكْمة والخِبْرة لزم بالضرورة تَنَاسُب الحُكْمِ مع خطورةِ الجَريمة وحَالِ الزَّاني كما يلي: –
الأَمَةُ المُحْصَنَةُ خَمْسِين جَلْدَة فقط؛ لأنَّ لها من الظروف والضعف ما ليس عند الحرة.
الزاني والزَّانِية البِكْرَان الغيْرُ مُحْصَنَانِ مائة جلدة لِكُلِّ مِنْهُما.
الزَّاني والزَّانية المحصنان الرَّجم؛ حيث عرف طريق النكاح الصحيح وما معه من السَّكن والمَوَدَّة وذاقه وأخذ عليه أجرًا، فكيف يَعْتاضُ عنه بالحرّام !!

5 ـ افتتح اللهُ سورةَ النور بقوله تعالى: (( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا. . . الآية ))، فَفَرض أحْكَامَ السُّورةِ فرْضًا، وهي السورة التي تضمنت جُلَّ النِّظَام الإِسْلاَمي المُحْكمِ في التعامُلِ مَعَ الشَّهْوةِ المُرَكَّبة في الإنْسان وعُنْفِ إِلْحَاحِهَا على البَشَر، ومن ذلك فَرْضُ الإجراءات والتدابير الواقيةِ مِنَ الفاحشةِ والتي تصل إلى تسعة عشر إجراءً منها: تَيْسِيْر الزواج للجميع ((وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )).
وآداب دخول البيوت وآداب النظر وآداب الاستئذان وآداب التعامل مع الأطفال ثم إذا بلغوا الحُلُم، ولا يتَّسع المُقَام هنا لبيان تلك التَّدابِير المبْسُوطة في السُّورة والتي فرضها الله فرضًا، كما فرضَ الضوَابط المُشَدَّدة المشروطة في إثبات الجريمة التي لا تثبت إلا بأربعة شهود عدول ( مع أن باقي الجرائم تثبت بشاهدين على الأكثر ) كما تثبت بالاعتراف والإقرار المتكرِّر أربع مرات كما سيأتي بالتفصيل، فإذا شهد ثلاثةٌ عدول ولم يكن لهم رابعٌ فَقَد حَقَّ عليهم حدُّ القذف أي ثمانين جَلْدة لِكُلٍّ منهم، ولا تُقْبَلُ له شهادة، ويعتبرُ في المُجْتمع من الفاسِقين، فإما أربعة شهود وإما السُّكوت والسَّتْر، وإلا فحدُّ القذف، وذلك لا يكاد يثبت إلا بإستعلان وفجور ولا مبالاة، وأيضًا فَرَضَ الله في السُّورة حد الزنا للبكر في الآية الثانية، كما فرض حد الزاني المحصن بالرجم في الآية التي رفع ونسخ تلاوتها وبقي حُكمُها. والمُرَادُ هنا أنه في النظام والمجتمع الإسلامي لا عذر يُهَوِّن من شأن جريمة الزنا، ولا تكاد تثبت بالشُّهود إلا على فاجر مستعلن بلا مبالاة يتعدى ضرره على المجتمع كله فيجب بتْره منه إن كان مُحْصَنًا.

6 ـ إنَّ من يؤمِنَ بالله ( وأسمائه وصفاته ) واليوم الآخر ( ومشاهده وأهواله وجَنَّتِهِ ونَارِه ) لَيَعْلَم يَقينًا أن جميع العقوبات الشرعية من رحمة الله بعباده ورأفته بهم الداخلة في قوله تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )) وبخاصة عقوبة الزاني، لأنَّها: –
أولاً: أدوية نافعة لا غنى عنها في حياة المسلمين؛ لأنَّ تطبيقها الذي يَشهَده الناس هو الذي يمنع وقوعها ابتداء ولا يحوج إلى اللجوء إليها إلا في أضيق الحدود، فهو أسلوب ترْبوي وقائي أكثر من أن يكون انتقامًا بعد الوقوع وليس كالمجتمعات التي تطبق فيها العقوبات الوضعية، ومع ذلك فالجريمة تزداد فيها ازديادًا هائلاً بما يتبع ذلك من الفساد والانحلال المترامي بالأمم إلى الهلاك والاندحار، علاوة على ما يَنْتَظِر الناس في الآخرة، وأيضًا ففي تطبيق العقوبة الشرعية تربية عمليَّة على أخذ الإسلام بقوة وجديَّة، فالأمر جِدٌّ لا هَزْل فيه، فيعود ذلك بالخير الكثير على الأمة في دينها ودنياها.
وثانيًا: بمقارنتها بعذاب الله في الآخرة، فمثلاً إذا كان الرَّجْم قتلاً بالحجارة بإيلام وعذاب، فهو رَدْعٌ وزجْرٌ عن الوقوع في الزنا وانتشاره في الناس، ثم هو تطهيرٌ لِمَنْ أقيم عليه، حيث لا يحتاج بعده إلى تطهيره منه في النار، ولا نسبة لآلام الرَّجم لدقائقَ معدودةٍ إلي عذاب الحريق، وعذابٍ بطعام الزَّقُّوم الذي يغلي في البطون كغلي الحميم، وعذاب بشرابِ الحميم والمهل يشوي الوجوه، وعذابٍ بمقامع من حديد، وعذابٍ بِصَبٍّ الحَمِيم فوق الرَّأس، وعذاب بالسحب على الوَجْه في النار، وعذاب بالأغلال والأنكال، وغير ذلك كثير من الأهوال ولمدة لا يعملها إلا اللهُ، فأين الرَّجْم من هذا !!! وإنما يَسْتَبشِعُه من لا يؤمن باليوم الآخر، أو من يؤمن به إيمانًا مُجْملاً ضعيفًا لا يعلم عن أهواله وتفاصيله شيئًا إلا القليل النادر وبدون تَصَوُّر، قال تعالى: (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ )) يعني قَلَّ أو انْعَدَم عِلمُهم بالآخرة وتفاصيلها، وكذلك يَسْتَبْشِعُه من لا يعلم عن صفات الله إلاّ أنه الخالق الرزاق الرحمن الرحيم الطَّيِّب وهكذا مِنْ صِفَاتِ البِرِّ والإحسان والرَّحمةِ، لكن لا يعلم قوله: (( إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ )) وقوله: (( إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ )) وقوله: (( نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ )) وقوله: (( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ )) وقوله: (( فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ )) وقوله: (( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ )) وقوله: (( وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا )) وأن الله هو الملك الحَقِّ وقد تَجَّرأ عَبِيدُه عليه.
وهو الذي قال لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا )).
إنه تعالى لا يَلْعَب ولا يَعْبث بخلقه السماوات والأرض والناس، بل خلقهم ليعبُدوه فيكونوا مَحلاً لإكرامه وفَضْله، ومن أبى يكون محلاً لِبطْشِه وعَدْلِهِ، فله تعالى حَقُّ العبادة والخضوع لأمره ونهيه، والاسْتِسْلام لأحكامه، والموافقة له فيما يحب ويكره، وفيما يوالي ويعادي، والمجاهدة في سبيله، أما هؤلاء الذين يسْتَبْشِعُون الحدود والأحكام فهم غالبًا لا يرَوْن لله حَقًّا إلا أنه يخْلقُ ويرزق ويُطْعِم ويَسْقِي ويَشْفِي ويُنَعِّم وانتهى الأمر، يعني كأنه سبحانه خادم لهم بلا حقوق، فلا حَوْلَ ولا قُوَّة إلا بالله.

7 ـ يعتمدٌ النِّظَامُ الإسْلامي في امْتِنَاع النَّاس عن الجريمة وقبول أحكامها واحْترِامِهَا، يَعْتمد على تَرْبيَة القلب على الإيمان بالله واليوم الآخر، وعلى مراقبة الله وخَوفِ مَقَامِهِ وعقابِه ورَجَاءَ لِقَائِهِ وثوابه ورحمته، وذلك كما سبق بمعرفة أسْماء الله وصفاتِهِ وآثارها ومقتضياتها، ومَعْلُوم أنَّ القَلْبَ مَلِكٌ والأعْضَاء جُنُودُه، فإذا صَلَح القَلْبُ صَلح الجَسَدُ كلُّه، فإذَا جَاءَ الحكْمُ الشَّرعِيُّ مُخَالِفًا للهوى ومقتضى الشَّهْوة، فإن القَلِب يُخْبِتُ لله ويَوْجلَ ويدفع اللِّسَانَ لأَن يَقُول سَمِعْنَا وأطَعْنا، والأعْضَاءَ لِمُسارعة الالتزام بالحكم. ولأهَمِّيةِ هذا الأَمْر نَضْربُ له مثالاً: –
لم يأت تَحرِيم الخَمْر إلا في السَّنَة الرابعة للهجْرَة [2] بعدما حَدَث التَّدرُّج في التحريم، وحَدَثَت التَّربيَةُ القَلبية المُنَاسِبَة للامْتِنَاع الفَوْري بقَوْلهم انتهينا ربَّنا انتهينا رَبَّنَا، وأُهْريقت الخمور على الأرض، وسَالَت منها سِكَكُ المدِينَة وانْتهى الأمر بعد أن كانت الخمر جُزْءًا من حَياتهم، وكانوا يَتَغنَّوْن بها وبأشعارها في الجاهلية.
أمّا في النِّظام العلماني في أمريكا مثلاً لما أردوا منع الخمر سنة 1919، أصدرت الحكومة قانونًا بمنع تعاطي الخمور وبيْعَها وتَصْنيعَها، على أن يبدأ تنفيذه أول يناير عام 1920 م، وأنفقت في الدعاية ضد الخمر ما يزيد على 65 مليون دولارا ( يعدل الآن مليارًا )، ونشرت الكتب والنشرات أكثر من 10 بليون صفحة، وأُعْدِمَت في ذلك ثلاثمائة نَفس، وسجنت أكثر من 530 ألف نفس، وصادرت من الأملاك بمئات الملايين، ومع كل هذا لم يزدد الأمْريكان إلاّ عِنَادًا في تعَاطِيها حتى اضطرت الحُكومةِ إلى إلغَاءِ هذا القانون وإباحة الخمر سنة 1933، وهذا هو المُنْتَظر من النظام البشري الظَّلُوم الجَهُول القَاصر، فأين ذلك من النظام الإلهي العدل المحكم الكامل الذي يَزيدُ منَاعَة القَلْبِ ضِدَّ الجراثيم، وفي ذات الوقت يعمل على تطهير الجَوّ من الجراثيم، أعني تطهير المجتمع من وسائل الإغواء والإثارة مع غض البصر وحِفْظ الفرج ومجاهدة النَّفس والارتداع بشدة الحَدِّ إذا أُقيم فيهم.
لقد كَانَتَ المُجْتَمَعاتُ الإسْلاَمِيةُ التي تنعْمَ بالنظام الإِسْلامَي كما في القرون الأولى بعد البَعْثَةُ، لقد كانت خير شاهد على ما نقول، حيث لم تظهر الفاحشة إلا في أضيق الحدود، إذ لا يخلو زمان من المنافقين والفاسقين والضعفاء الذين قد تغلبهم رَغْبَتهم. أما في النظم العَلْمَانية الوضعية فمن لا يقع في الزنا ومُقَدِّماته من ذكر أو أنثى يعتبرونه حالة مرضية شاذَّة، كما يعتبرون الإستعلان بالفاحشة حُرِّيَّة شَخْصِيَّة ولا عقوبة على ذلك طالما كانت بالتراضي، بل عندهم حريَّة زواج الرَّجُل بالرجل ( وذلك أشد من عمل قوم لوط لأنه زواج ) وبلغ هؤلاء في أمريكا فوق 20 مليونًا، وهنا نقول: (( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )).
هؤلاء مستدرجون بما قدر الله لهم من التّفَوقِ التكنولوجي والمعارِفِ الحديثةِ المذْهِلةِ، والجمالِ وأسبابِ التَّرفِ، كقولِه تعالى: (( فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )) وذلك له سُنَنٌ ربَّانية بخلافِ السُّنَن التي تحكم واقع المسلمين اليوم فتراهم مُعَاقَبين مُسْتَذَلين مُهَانين بِسَبِب ابتعادِهم عن الدِّين، واتخاذِهِم القرآنَ مهجورًا، وسماعِهِم الكذب وقبوله من خُصُوم الإسْلام، ولن يرفع ذلك الذَّل عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم”.

فلهذا كانت”الرَّحْمة مَعَ الرَّجم:
لقد رجم رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسة منهم المرْأة الغامدية التي جاءتُه مُقرَّة معترفة قائلة: إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( ارْجِعِي )) فلو أنها سكتت ورجعت لانْتَهى الأمر ولكنها أبت إلا معاودة الإقرار، فَجَعَل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْدِّدُها لعل لها شُبْهة تسقط الحدّ، فَأخْبَرته بأنها حُبْلى من الزنا، وعلى الفَوْر أمرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ترْجعَ حتى تضع المولود، ودعا وَليَّهَا، فقال له: (( أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي )) حتى لا تدفع الغيرة وَحمِيَّة الجَاهِليَّة أقارَبها إلى إيذائها والاعتداء عليها، فهل يَفْهَم خصومُ الإسْلاَم مِثْلَ هَذِهِ الرَّحْمة؟ !! ثم أَتَتْ المرأةُ بالمولود إلى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرها أن تذهب حَتَّى تفطمه، وانقضت مُدَّةُ الرَّضاع فجاءت إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطِّفِل وبِيَدِه كِسْرة خبز، فدفعه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رَجُلٍ من الأنصار، وأمَرَ بها فرُجمَت، فأقبل في الرَّجْم خالد بن الوليد رضي الله عنه بِحَجرٍ فرمي رأسها فنضح الدمُ على وجهِ خالد فسَبَّها، فسمع النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّه إياها فقال: (( مَهْلًا يَا خَالِدُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ( هو الذي يجمع الضرائب المُحَرَّمة أو يَفْرض الإتاوات على بائعي السِّلع في الأسواق وما شابه ). ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ ))[3]. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟‍‍‍‍!! ))[4].
وإذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رَحِمَ هذه المعترفة منذ البِدَاية إِلى النِّهاية وأثني عليها بعد رجمها، إلا أنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تأخذه بها رأفَةٌ في دين الله وأقام عليها الحَد بما أمَرَ الملك عَزَّ وَجَلَّ، فَانْظُر ـ رَحِمَك الله ـ إلى رَحْمة الله لهذه المَرْجومة التَّائبة حَيث التَّنَعُّم عِنْدَ اللهِ مُنْذ طُهِّرت ولَقِيتْ ربَّها وإلى يوم القيامة، حيث لو سئلت الآن: هل رأيْتِ بُؤْسًا قط؟ لقالت: لا، لم أرَ بؤسًا قط، فأين رأفة الدُّعَّار في دين الله ( وأيضًا مرضى القلوب ) من هذه الرحمة الظاهرة والباطنة؟!.
ورَجَم رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماعز بن مالك الأسلمي الذي جاءه مقرًّا بالزِّنا يطلب التَّطهِيرِ، فأَعْرض عنه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَرَدَه قائلاً: (( فَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ ))[5]، فجاءه بعد ساعة يُعَاود الإِقْرار، فأعرض عنه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الأولى، ثم جاءه ماعز في اليوم التالي مُصِرًّا على الإقرار للمرَّة الثالثة، فأعْرَضَ عنه الرسولُ أيضًا، فلما جاء للمرة الرابعة فهذه أربع شهادات على نَفْسهِ، جعل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَدِّدُه يستفسر ويَسْتَفْصل ( لعل شبهة تظهر تُسْقِط الحَدّ ) يقول له: (( لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟ ))[6]. . ويسأل قومَهُ: (( أَبِهِ جُنُونٌ؟. . أَشَرِبَ خَمْرًا؟ ))[7]، وكانت الإجابات قاطعة بلا شُبْهة، فسأله عن الإحْصَان ثم أمَرَ به فَرُجم، فجعل بعض الناس يتكلَّم في ماعز، فمن قائل بأنه خَبِيث، فقال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَهُوَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))[8]، ومن شاتم له، فقال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تشتمه))، وقال: ((قد غُفِرَ له وأُدْخِلَ الجنة))[9]، وقال: (( لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ ))، إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها [10]. وأمَرَ أصحابه قائلاً: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ، وحدث أثناء رَجْمه أَنَّهُ فَرَّ حِينَ وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ وَمَسَّ الْمَوْتِ، فذكروا ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ((هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ [11] وَجِئْتُمُونِي بِهِ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ [12])) فيرجع عن إقراره مثلاً، أو تظهر شبهة يسقط بها الحد، أما ترك حَدٍّ بعد البيِّنة فلا.
وبعد، فهل تحتاج هذه الواقِعةُ إلى تعليق لبيان الرحمة البادية فيها من أولها؟
لقد أثنى الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه، وأخبر أنه غُفر له ( أي جميع خطاياه ولَيْس الزنا فقط )، مَعَ أنه إنما عوقب على الزنا فقط، فينبغي لكل منصف أن يراجع هاتين الواقعتين ليعرف حقيقة الأحكام في الإسلام.

9 ـ جاء في السُّنَّة أنّ من أقيم عليه الحد – ولم يأْخُذْ المؤمنينِ به رأفة في دين الله – فإنه يرحم من وجه آخر فَيُحْسَن إليه ويدْعي له ويُعان على الشيطان وَلَيس العكس. كما سبق في ماعز والغَامديَّة، ولكن الجهلاء لا يفرقون بين هذه الرحمة وبين أن تأخذهم الرأفة به في دين الله فهذه مَنهيُّ عنها، قال تعالى: (( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )) فالرأفة: رقة وانْعِطَافٌ في القلب على الزاني تمنع من إقامة الحَدِّ عليه، فيأتي الإيمان بالله وصفاته واليوم الآخر كما سبق فتنتفي هذه الرأفة المانعة من إقامة أمر الله، والشيطان يأمر الجهلاء والدَّعار وأشباههم بهذه الرأفة في العقوبات عمومًا وفي أمر الفَوَاحِش خُصُوصًا لأن مبناها على المحبة والشَّهوة والرَّأفة التي يزينها الشيطان، حتى يدخل كثير من الناس ـ بسبب هذه الآفة ـ في الدِّيَاثة، وقلة الغيرة وهو يظن أن هذه من رحمة الخَلْق ولين الجانب ومكارم الأخلاق، وإنما ذلك دياثة ومهانة، وعدم دين، وضعف إيمان، وتعاون على الإثم والعدوان، وترك للتناهي عن المنكر والفَحْشَاء، وفي السِّينما والتليفزيون الكثير من هذا.
ولذلك أمر تعالى أن يَشْهَد عذابَهما طائفة من المؤمنين، لتنتفي تلك الرأفَةُ من القلوب، ويَشْتهر الأمر والجدِّية في الأحْكامِ لأن مشاهدتها بالفعل مما يَقْوي به العلم ويَسْتَقِر به الفَهْم، عِلاَوَةَ على الإنْزجار والارْتِدَاع في المُجْتَمَع المُسْلمِ.
10 ـ إنَّ المَريض إذا اشتهى ما يضرُّه أو جزع من تناول الدَّواء الكريِه فأخذتنا رأفَة عليه حتى نَمْنَعهُ شُرَبهِ فقد أعَنَّاه على ما يضُرُّه أو يهلكه وعلى ترك ما ينفعه، فيزداد مَرَضُه وسُقْمُه بذلك فيهلك، فهكذا الشَّابّ حين يبلغ وليس معه تدين يحميه، لَيْس الرحمةَ به أن يمكن مِمَّا يهواه من المحرمات، ولا أن يُمَكن من ترك ما ينفعه من التَّديُّن والطاعَات التي تُزَيل مَرَضَ قَلْبِه، بل الرَّحْمَةُ به أَنْ يُعَانَ على الصلاةِ وما فيها من الأذكار والدعوات، وأن يُحْمَى عما يُقَوِّي داءَه ويزيدُ عِلَّتَه وإنَّ اشْتَهاه.
أمَّا على مُسْتَوى الأُمَّة، فالطَّبِيب يَسْتأصل العضو الفاسد لمصلحة عموم الجسَد، وظاهره قسوةٌ وشدَّة ومفسدة، وحقيقته حكمة ورحمةٌ ومصلحة، إذ يَتَرَتب على تكرها هلاك وتلف الجسد كله بما فيه العضو التالف، فهذا مثل الفرد الفاسد في المجتمع، فالرَّحْمِة بالأمَّة والرّأفة بها أن يقام الحد إذا ظهرت الفاحشة، وإلا ترامت الشَّهوات بالأمَّة إلى الميل العظيم والهلاك والعَطَب.
وواقع المسلمين الآن هو خير شاهد كما سَبَق”.

فليعرف دعاة الفاحشة من الأولى بالذوق العربي والرحمة الإنسانية التي يتمنطقون بها تكثيراً لسواد أصحاب الفواحش والأهواء والبدع.

18 – يستبشع المقلدون رد أحاديث الرجم الواردة في البخاري ومسلم، ولا يعرفون أن الدارقطني رد 200 من أحاديثهما، ورد ابن تيمية والألباني بعضها.

حقاً من تكلم في غير فنه لم يأت بعجائب فحسب بل بطوام وأباطيل وهرطقات

لما يجعل الإمام البخاري شرطاً بالنسبة إليه مثلاً فوق 95% ثم وضع أحاديث 92% فجاء الإمام الدارقطني وانتقد عليه بأن شرطك كان 95% ثم وضعت أحاديث 92% فلماذا؟!

هذا باختصار فهل ما فعله الدارقطني يهدم صحيح الإمام البخاري؟

و صدق سيدنا علي بن أبي طالب[30] رضي الله عنه حينما علق على رفع الخوارج شعار “لا حكم إلا لله ورفعوا المصاحف على الأسنة”: كلمة حق أريد بها باطل”هذا حال الخوارج والمعتزلة ومن خرج فرخاًمنهما الخوارج يتفوهون بكلمات حق يراد بها باطلاً. . . توحيداتباع مستنير حماية جناب الشريعة من التناقض ذكر مصطلحات من الجرح والتعديل هم منا لا في العير ولا في النفير

 فالسذج من الناس يرى ذلك إكباراً للقرآن الكريم وتطبيقاً وتحكيماً له ولكن العلماء بل طلبة العلم رأوه كفراً به وتحريفاً له.

أي كلام في أي شيء. . . إشغال للمسلمين وفقط فكم من الجهود والأوقات ستضيع في سبيل الرد عليهم وهم يعلمون جيداً ما هم عليه من باطل ولما واجهتُ أحد إخوانهم من الذين يسمون أنفسهم قرآنيين وهم في الحقيقة كفرانيين

 ودحضت له حججه قال: ربما من أرسل لورقة ما انتبه إلى. . .

وهنا كذلك عبارات يتلقفونها من هنا وهناك ومن بعض علماء أخيار زلت أقدامهم أو من علماء سوء ثم يرددونها كالببغاوات

والأمر كما قال الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى: ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )) الأنعام/121.

أما من الناحية العلمية والصناعة الحديثية: فقد رد هذه الانتقادات إمام الدنيا الحافظ ابن حجر في هَدْي الساري الذي هومقدمة لصحيح الإمام البخاري

ولمعرفة منزلة صحيح الإمام البخاري عند علماء المسلمين فإليك البيان[31]:

فإن” السنة النبوية التي هي بمثابة الشرح للقرآن، فقد هيأ الله من يحفظها من جهابذة الرجال، الذين بذلوا أنفسهم لهذا الشأن العظيم من أمثال الإمام البخاري الذي يقول عنه أبو الطيب حاتم بن منصور الكسي – كما في السير للذهبي -: محمد بن إسماعيل آية من آيات الله في بصره ونفاذه من العلم.
وقال رجاء الحافظ: فضل محمد بن إسماعيل على العلماء كفضل الرجال على النساء، وقال: هو آية من آيات الله يمشي على ظهر الأرض.
ويقول محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل (البخاري).
ولذا كان صحيحه، وصحيح الإمام مسلم الذي قيل في ترجمته ما قيل في الإمام البخاري من حيث الحفظ والإتقان والزهد والعبادة محل قبولٍ عند الأمة، لتوافر شروط الصحيح فيهما في أعلى درجاته، ولا يطعن فيهما إلا مبتدع ضال، يهدف من وراء تشكيكه فيها إلى هدم مبنى الشريعة، وأنى له ذلك، وكلام السلف والخلف رادع له ولأمثاله، وإليك بعض نصوصهم:
قال الإمام النووي في شرح مسلم: اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول.
ويقول الشهرزوري: جميع ما حكم مسلم بصحته من هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه، وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول، سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع، والذي نختاره أن تلقي الأمة للخبر المنحط عن درجة التواتر بالقبول يوجب العلم النظري بصدقة. انظر صيانة صحيح مسلم: 1/85.
ويقول أبو المعالي الجويني: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع علماء المسلمين على صحتهما. صيانة صحيح مسلم: 1/86.
وبعض المبتدعة يرد نصوص السنة بحجة أنها آحاد لا يلزمه اتباعها، أو ظنية الدلالة فلا يلزمه قبولها، وهو بذلك يحرم نفسه نور الوحي، وهدي الله.
فإن القرآن وإن كان قطعي الثبوت، فأكثره ظني الدلالة، والسنة أكثرها ظني الدلالة ظني الثبوت، فمن اشترط للاحتجاج بالأدلة أن تكون قطعية الثبوت والدلالة، فقد رد معظم الشريعة، وناقض إجماع الأمة.
يقول الإمام ابن عبد البر في التمهيد (1/2): وأجمع أهل العلم من أهل الفقة والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العلم به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع، على هذا جمع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا، إلا الخوارج، وطوائف من أهل البدع شرذمة لا تعد خلافاً، وقد أجمع المسلمون على جواز قبول الواحد السائل المستفتي لما يخبره به العالم الواحد إذا استفتاه فيما يعلمه.
وقال أيضاً: الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم، كشهادة الشاهدين والأربعة سواء، وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده. على ذلك جماعة أهل السنة.
وقال الإمام القرطبي في تفسيره (2/152): وهو مجمع عليه (أي قبول خبر الآحاد) من السلف معلوم بالتواتر من عادة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيهه ولاته ورسله آحاداً للأفاق ليعلموا الناس دينهم، فيبلغوهم سنة رسولهم صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي”.

وأما بالنسبة لكل من الإمام ابن تيمية والشيخ الألباني فهلا أطلعنا الكاتب على رأي كل منهما في أحاديث الصحيحين وهل يقران بالسنة عموماً كتشريع مستقل أم لا؟ ألم يقولا: إنه لا يوجد تخت أديم السماء أصح من صحيح البخاري؟ وما قولهما في شدة وقوة شرط البخاري في صحيحه؟وما تعليقهما على انتقادات الدارقطني؟

كما قلت: كلام مرسل بلا زِمام ولا خُطام ولو تكلما فيما قدمت في أول الرد فهل نظرتهما إلى صحيح البخاري كنظرة كتاب آخر الزمان؟

وانتقادات الدارقطني ستة أنواع[32]: وإليك مع تقدمة عن منزلة صحيح الإمام البحاري في قلوب علماء الأمة ممن يوقرون علماءهم ديانة وحسبة لله تعالى:

صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري هو أصح كتاب مأثور بعد كتاب الله تعالى، وما زال العلماء والمحدثون والحفاظ يشهدون له بالجلالة والمرتبة العالية في التوثيق والإتقان، حتى نقل الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في ” صيانة صحيح مسلم ” (ص/86) بسنده إلى إمام الحرمين الجويني أنه قال:
” لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق، ولا حنثته، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما ” انتهى.
وليس ذلك بمستبعد والبخاري هو الإمام الحافظ الكبير الذي شهد له جميع المحدثين بالحفظ والإتقان، وقد كان يستخير الله تعالى ويصلي ركعتين في كل حديث يثبته في كتابه حتى أتمه على هذا الوجه.
ونحن وإن كنا نعلم أنه قد وجهت بعض الانتقادات اليسيرة لأحاديث معدودة مثبتة في صحيح البخاري، إلا أننا نؤكد أنه لا حرج في إطلاق الصحة على جميع أحاديث الكتاب، وذلك لما يلي:
1- أكثر العلماء والمحدثين يرون الصواب مع الإمام البخاري فيما انتقد عليه، ومعلوم أنه ليس من المنهج السليم التسليم بالانتقاد لمجرد وجوده، بل الأمر يرجع إلى الحجة والبرهان، وقد فصل الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه العظيم ” فتح الباري “، وخاصة في مقدمته المسماة ” هدي الساري ” الجواب عن هذه الانتقادات اليسيرة، وأوضح وجه الصواب فيها.
2- مجموع أحاديث صحيح البخاري بالمكرر – بترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله – بلغ (7563) حديثا، فإذا عرفنا أن الانتقادات الموجهة لا تتجاوز بضع عشرات، وأن أكثر هذه الانتقادات إنما هي موجهة لأمور تتعلق بالأسانيد ورسومها، أو لأمور تتعلق ببلوغ درجة أصح الصحيح، أو تتعلق بكلمة أو كلمتين من الحديث، وأما الانتقادات المتعلقة بأمور تؤثر في صحة المتن فهي نادرة نحو الحديث والحديثين والثلاثة – إذا عرفنا ذلك كله أدركنا أن إطلاق الصحة على جميع ما في البخاري من متون مسندة في صلب الكتاب إطلاق صحيح لا يجوز إنكاره.
يقول الإمام النووي رحمه الله:
” أجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين ووجوب العمل بأحاديثهما ” انتهى.
“تهذيب الأسماء واللغات” (1/73)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
” ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن ” انتهى.
“مجموع الفتاوى” (18/74)
ويقول الحافظ ابن حجر في الجواب على وجود انتقادات لصحيح البخاري:
” والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول:
لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل، فإنهم لا يختلفون في أن علي بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث وعنه أخذ البخاري ذلك، حتى كان يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني. ومع ذلك فكان علي بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه. وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعا، وروى الفربري عن البخاري قال: ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته. وقال مكي بن عبد الله سمعت مسلم بن الحجاج يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته. فإذا عرف وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة.
وأما من حيث التفصيل فالأحاديث التي انتقدت عليهما تنقسم أقساماً:
القسم الأول منها: ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد، فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة، وعلله الناقد بالطريق الناقصة، فهو تعليل مردود. . . وإن أخرج صاحب الصحيح الطريق الناقصة وعلله الناقد بالطريق المزيدة تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف. . . فمحصل الجواب عن صاحب الصحيح أنه إنما أخرج مثل ذلك في باب ماله متابع وعاضد، أو ما حفته قرينة في الجملة تقويه، ويكون التصحيح وقع من حيث المجموع.
القسم الثاني منها: ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد. . . فالتعليل بجميع ذلك من أجل مجرد الاختلاف غير قادح، إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف فينبغي الإعراض أيضا عما هذا سبيله.
القسم الثالث منها: ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها: فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع، أما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته، فما كان من هذا القسم فهو مؤثر كما في الحديث الرابع والثلاثين.
القسم الرابع منها: ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف من الرواة، وليس في هذا الصحيح من هذا القبيل غير حديثين، وتبين أن كلا منهما قد توبع.
القسم الخامس منها: ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله، فمنه ما يؤثر ذلك الوهم قدحا، ومنه ما لا يؤثر.
القسم السادس منها: ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن، فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح لإمكان الجمع في المختلف من ذلك، أو الترجيح، على أن الدارقطني وغيره من أئمة النقد لم يتعرضوا لاستيفاء ذلك من الكتابين كما تعرضوا لذلك في الإسناد، فما لم يتعرضوا له من ذلك: حديث جابر في قصة الجمل، وحديثه في وفاء دين أبيه، وحديث رافع بن خديج في المخابرة، وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وحديث سهل بن سعد في قصة الواهبة نفسها، وحديث أنس في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين، وحديث ابن عباس في قصة السائلة عن نذر أمها وأختها، وغير ذلك.
فهذه جملة أقسام ما انتقده الأئمة على الصحيح، وقد حررتها، وحققتها، وقسمتها، وفصلناها، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر ” انتهى.
” هدي الساري “.

فأقول معلقاً بما يقوله السلف رحمهم الله تعالى: انطق بعلم أو اسكت بحلم،ولا تهرف بما لا تعرف.

 – أنكر الشيخ محمد أبو زهرة – وهو أعلم الناس بالفقه ومدارسه في القرن العشرين عقوبة الرجم، واعتبرها تشريعا يهودياً لا إسلامياً.

من علامات أهل الأهواء والبدع اتباع زلات وهفوات بعض العلماء ومن تتبع زلل العلماء فقد تزندق أو كاد كما نقل عن السلف رحمهم الله تعالى. آمين.

 أما بالنسبةلفضيلة العلامة الشيخ محمد أبي زهرة رحمه الله تعالى وغفر له زلاته العقلانية في تماشيه مع المعتزلة وموافقتهم في بعض الأمور لكن هذه المسألة فُهمت على غير ما أراد وقد أماط فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/يوسف القرضاوي[33] اللثام عن تلك الهفوة في الفهم عنه فقال:

” ما قاله الأخ كان قد صرح به الشيخ العلامة محمد أبو زهرة سنة 1972م في ليبيا حيث قال لأعرض لكم رأياً في الرجم، وذكر ما ذكر الأخ في قضية الرجم وذكر ما ذكره البخاري عن عبدالله بن أبي أوفى هل الرجم مثل سورة النور أم بعد سورة النور حين سئل فقال لا أدري، ولكن ذكر العلماء والصحابة أن الرجم كان بعد سورة النور فالرسول رجم في آخر حياته، وفي عهد الصحابة، رجم علي أبي طالب، ورجم عمر بن الخطاب، فقد رجم الرسول ما عز ورحم الغامدية، كل هذا ثابت ووردت عدة أحاديث، فكل الأحاديث الوارد فيها القتل ورد فيها الزاني المحصن ففي حديث ابن مسعود في الصحيحين وغيرها “لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس، والثيّب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة” وهذا مروي عن ابن مسعود ومروي عن عثمان بن عفان، ومروي عن عائشة ومروي عن عدد من الصحابة، وفيها الثيب الزاني وهذا أمر أجمعت عليه الأمة لأن الصحابة فعلوه بعد الرسول مما يثبت أنه أمر ليس منسوخا، ولذلك كل العلماء الذين كانوا في ندوة التشريع الإسلامي ردوا على الشيخ أبو زهرة وقد حاولت أن أجد هذا الرأي للشيخ أبو زهرة في أي من كتبه فلم أجده مما يدل على أنه رجع في قوله. وأحب أن أبين للأخ أن قضية الرجم هذه هي أكثر للترهيب حيث أن الزنا لم يثبت فعلياً في التاريخ الإسلامي إلا بالإقرار المتكرر كما في الحالات المثبوت فيها الرجم والرسول حاول أن يرد المقرر، فالقضية لا تثبت إلا بهذا الاعتراف المتكرر. وفيما يتعلق بالقتل في الزنا هل يمكن أن يتم بغير الرجم فأنا أرى أن للاجتهاد في هذا الأمر مجال فالأمر قابل للبحث”.

ومع ذلك فقد رد عليه أيضاً العلامة فضيلة الشيخ/محمد الدَّدُو[34].

 (20الخلاصة: لا رجم في الإسلام، ولا عقوبة للزنا إلا ما نص عليه محكم الكتاب من جلد للزانيين، أو الإقامة الجبرية للمرأة الزانية، والأذى للرجل الزاني. (

بل الخلاصة (((ردة))) منكر حد رجم المحصن سواء كان رجلاً أو امرأة إن كان عالماً بما يقول وتعمد ذلك ولم يكم متلبساً بشبهة ولم يكن من أصحاب العوارض الأهلية سماوية كانت أم مكتسبة آدمية؛لأن المكلف لا بُدَّ أن تكون عنده أهليَّة تصلح لإلزامه والتزامه بحقوق له أو عليه، وهذه الأهليَّة هي التي يناط بها التكليف في الجملة[35]، ما لم يعرض للشخص من بعد كمال أهليته ما ينقصها أو يفقدها، ويُسمَّى هذا عارضًا مِنْ عوارِض الأهلية.

وعوارض الأهلية: هي أحوال تعْتري الشخص، فتنقص عقله أو تفقده بعد كماله، وهي قسمان:

الأول: عوارض سماويَّة، ليست من أعمال الإنسان، وهي: الجنون، والعته، والنسيان، والنوم، والإغماء، و”المرض، والحيض، والنفاس، والموت[36]

الثاني: عوارض بفعل الإنسان أو يكسبها الإنسان، وهي نوعان:

النوع الأول: من ذات المكلف، وهي السفه – مع كونه عاقلاً لكنه ليس برشيد – والجهل والسُّكْر والخطأ.

النوع الثاني: من غيره، وهي الإكراه.

وفي النهاية لايحكم على قائل أوفاعل أومعتقد الردة بالتكفير عيناً لكن يُكفَّر صفة كما هو معلوم في كتب العقائد ولا يُكفَّر بالعين إلا بتحقق شروط ثلاثة:

1_ استيفاء شروط تجعله يكفر.

2_انتفاء موانع كما في العوارض السابقة أو كان حديث الإسلام أو نشأ ببادية أو في بلاد الكفر الأصلي.

3_ إقامة الحجة عليه من أهل الاختصاص.

        والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين كلما ذكره الذاكرون أو غفل عن ذكره الغافلون.

كتبه

أبو حمزة

محمود داود دسوقي خطابي

Alsunnah. 1973@gmail. com

 

[1] -الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي،ص5.

[2] – http://a.islamreligion.fr/aqwal-oulama-fi-ridda/

[3] – في مقدمة تفسيره،جـ1ص1.

[4] – وضبطه بعضهم: … القرائح والعلومِ.

[5] – تخطيت أسماء من تهوع تلك الشبهات؛ ليكون الكلام بمثابة سربال ينزل على كل من تسول له نفسه أن يهرف بما لا يعرف وأيضاً ليكون سابقاً ولاحقاً “ختاماً لما ذكرنا وشجىً في الحلق أو رجوعاً إلى الحق ممن بهذا الرد قصدناه”. الرد الوافر للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي، ص137.

[6] – رواه مسلم والنَّسائي وغيرهما.

[7] –   وجاء بلفظ: سَمَرَ تكحيل أعينهم بحديد محمي على النار فعموا بها حتى ماتوا والحديث… صحيح لا غبار عليه، فقد رواه كلٌّ من: البخاري ( 1 / 69 و 382 – 2 / 251 – 3 / 119 – 4 / 58 و 299 ) ومسلم ( 5 / 101 ) وأبوداود ( 4364 – 4368 ) والنسائي ( 1 / 57 – 2 / 166 ) والترمذي ( 1 / 16 – 2 / 3 ) وابن ماجه ( 2 / 861 و 2578 ) والطيالسي ( 2002 ) والإمام أحمد ( 3 / 107 و 163 و 170 و 233 و 290 ) من طرق كثيرة، وإسناده صحيح.
وانظر لمزيد الفائدة انظر تخريجه في: إرواء الغليل للشيخ العلامة الألباني رحمه الله ( 1 / 195 )

ar.islamway.net/fatwa/184/

[8] – وضبطه بعضهم: الطَّبِيبِ.

[9] – وضبطه بعضهم:

 كَنَاطِـٍ صَـخـرَةً يَـوْمـاً ليـَفْلِقَهَا *** فَـلَـمْ يَضِـرْها وَأوْهَى قَـْنَهُ الـوَعِلُ

[10] – وضبطه بعضهم: وماذا…

[11] – وضبطه بعضهم: فدع عنك الكتابة لست منها… ولو لطّختَ وجهك بالمداد

[12] – في الاستذكار، كتاب الحدود، باب ما جاء في الرجم.

[13] – في تفسيره، ج6ص7، باختصار الأسانيد.

[14] – منزلة السنة في الإسلام للشيخ الألباني،ص14.

[15] – في شرح العقيدة الطحاوية، ص 212.

[16]http://s.sunnahway.net/altahhan/%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%88%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d8%aa/%d8%b3%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%88%d9%83/

من 96 حتى100.

[17] – سنن أبي داود، ج4ص259 الحديث رقم4444

[18] – في شرحه لصحيح الإمام مسلم ج11ص201.

[19] –  كما في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للعلامة أبي العباس شهاب الدين أحمد بن محمد المَقَّري ج4ص308.

[20] – حديث الجهنية رواه الأئمة: أحمد في مسنده ج4ص440 رقم(19968) ومسلم في صحيحه(4408) وأبوداود في سننه ج4ص152 رقم(440) والترمذي في سننه ج4ص43 رقم(1435)والنَّسائي في المجتبى ج4ص64رقم(1957)وابن حبان في صحيحه ج10ص252 رقم(4403) والبيهقي في السنن الكبرى ج4ص18 رقم(6620).

[21] -حديث الغامدية رواه الأئمة: أحمد في مسنده ج5ص248رقم(22999) ومسلم في صحيحه رقما:(4406و4407) والدارمي في سننه ج2ص235 رقم(2324) والبيهقي في السنن الكبرى ج4 ص288رقم(7197) وج8ص230 رقم(16784).

-[22] http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=50928

[23] – http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=12905

[24] – http://islamqa.info/ar/111382

[25] – رواه مسلم والنَّسائي وغيرهما.

[26]http://www.tubeos.com/video/C6g24y6mri0/

[27] s.sunnahway.net/altahhan/

من 96 حتى100.

[28]http://www.tubeos.com/video/C6g24y6mri0/

[29] – http://www.saaid.net/Anshatah/dawah/49.htm   للشيخ /فوزي السعيد.

[30] – رواه مسلم والنَّسائي وغيرهما.

[31] – http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&lang=&Option=FatwaId&Id=13678

[32] – http://islamqa.info/ar/122705

[33] – http://www.shobohat.com/vb/showthread.php?t=9565&page=5

[34] – تعليق الشيخ الددو على الشيخ أبي زهرة:

http://www.youtube.com/watch?v=Az_7Jeyzdb8

[35] – الفرق بين قولهم: في الجملة وبالجملة:”والفرق بين قولهم: في الجملة وبالجملة: أن بالجملة يعم ذلك المذكور، وفي الجملة يكون مختصا بشيء منه لا في كل صورة”.حاشية العلامة ابن قاسم على الروض المربع شرح زاد المستقنع،ج1ص58.

[36] – “أصول الفقه”؛ للشيخ الخضري، ص: 88.

عن الإدارة

شاهد أيضاً

حد الرجم نقاش منكريه، حاتم العوني

اترك تعليقاً