الرئيسية / شبهات وردود / تعظيم السنة / المحدِّثون واختِبَار الفَرَضِيّات

المحدِّثون واختِبَار الفَرَضِيّات

المحدِّثون واختِبَار الفَرَضِيّات

المقدمة:

لا يشكُّ عاقلٌ أنَّ من أهم العقليات في عصرنا الحديث عقلية مهندس الصيانة، ولنركِّز عدستنا في فاتحة هذا البحث على أهمّ مهارة من مهاراته، فلو ولجنا إلى باطن عقله لنشاهد ما يدور هناك وهو يفكِّر في صيانة سيارةٍ ارتفعت درجةُ حرارة ماكينتها نجد التالي:

ارتفاع درجة حرارة ماكينة السيارة له أسباب محدَّدة، فالبحث عنه بحث في فرضيات معيَّنة، منها على سبيل المثال: تعطُّل مراوح التبريد، أو تلف مبرِّد الماكينة، أو تسريب فيها أو غيرها. فإذا تمَّ التأكّد من عدم وجود خلل في كل هذه الأشياء ينتقل المهندس إلى فرضيات أخرى؛ كتعطل رأس المكينة أو المكينة نفسها أو غير ذلك.

إذن هو في كلِّ خطوة من تلك الخطوات يفترض فرضيات معينة، ثم يختبر كل فرضيَّة من تلك الفرضيات، ثم ينتقل إلى التي تليها حتى يقف على موضع الخلل.

إن مهندسَ الصيانة في عمله السابِق يعتمد على مهارة عقليّة، وهي مهارة اختبار الفرضيات، وهي ذاتها يعمل بها المحقِّق في القضايا الجنائيّة عند وجود أكثر من سيناريو لوقوع الجريمة، ومثله يفعل الأطباء عند تشخيصهم لحالة المرضى حين يبحثون عن العلة الحقيقية للمرض، فيبدأ الطبيبُ بسؤال المريض أوّلًا عن معلوماته الشخصية، عن اسمه وعمره وجنسيته، فإذا انتهَى من معرفة شخصِه بدأ بجمع الفروض والاحتمالات واختبارها، ويستبعد الخاطئ منها، فإذا تأكَّد له احتمالٌ ما انتقل إلى تشخيص عيِّنات من جسمه وتحليلها وفحصها.

فالمهارة العقلية التي يعتمد عليها كل واحد من أولئك هي مهارة اختبار الفرضيات، وهي مهارة فطرية يستخدمها الناس في حياتهم، وقد أعملها أهل الحديث أيضًا في صناعتهم، بل قد أعملها غالبُ علماء الإسلام ونظَّروا لها واحتجُّوا بها، وكان الوحي الإلهي قدوتهم في فعلهم ذاك([1]).

فمهارة اختبارِ الافتراضات والاحتمالات هي مهارة السبر والتقسيم في الجذور، وإن كان بينهما نقاط افتراق.

وقد أعمَلها علماء الحديث في صياغتهم لمنهجهم، وصاغوا منها منهجَ القبول والرد للروايات الحديثية، وأنتجوا أدقَّ المناهج للتعامل مع الأخبار والنصوص وأروعها، ولكن الضوء لم يسلَّط كثيرًا على هذا الجانب المشرق من صفحاتهم.

يقول الدكتور مصطفى حلمي: “الدراسات الكلاميّة التقليدية أولَت عنايتها للفرق المنشقّة عن أهل القرون الأولى كالخوارج والشيعة والقدرية والجهمية، كما تعمَّقت وتوسَّعت في عرض المذهبَين الكبيرين: الاعتزالي والأشعري، ولم تلتفت للنتاج العقليّ للمحدثين والفقهاء بالقدر الكافي الذي يسمح بإبراز مواقفهم من أصول الدين، ومنهجهم في النقاش والردّ على مخالفيهم، مع العلم بأنهم كانوا يستندون إلى أدلّة عقلية وبراهين منطقيّة قائمة على تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والاسترشاد أيضًا بفهم الأوائل الذين كانوا أكثرَ علمًا ودراية بأسرار اللغة العربية وأسباب النزول ودقائق العقائد المتَّصلة بأصول الدين. وفي ضوء هذه الحقيقة نرى أن طريقةَ أهل الحديث والسنَّة تحتاج إلى نظرةِ إنصاف وتقدير؛ حيث شاعت الفكرة التي تصفهم بأنهم (نصِّيُّون) وليسوا (عقليِّين)، فضلًا عن أوصاف أخرى تشاع عنهم خطأ كوصفهم بالجمود، وما إلى ذلك من صفات شوَّهت صورهم في أذهان الخاصة والعامة”([2]).

ومن سلط الضوءَ عليها -حتى من أعداء الإسلام- صرَّح بعبقريَّتهم وحذقهم وبراعتهم، يقول المستشرق صمويل مارجليوث: “ورغم أن نظرية الإسناد عند علماء الحديث قد سببت كثيرًا من المتاعب نظرًا لما يتطلبه البحث في توثيق كل راو من رواة الأحاديث، إلا أن قيمة نظرية الإسناد فيما يتعلَّق بدقَّة الحديث النبوي لا يمكن الشكّ فيها، ومن حقّ المسلمين أن يفتخروا بعلم الحديث من علومهم”([3]).

اختبار الفرضيات في الأخبار([4]):

كما أعمَل هذه القاعدةَ اليومَ كثير من الخبراء في شتى المجالات يمكننا إعمالها في مجال الأخبار والأقوال التي ترد إلينا كلَّ صباح ومساء، فلو افترضنا أنَّ أحدًا من الناس ألقى إليك خبرًا على أيّ برنامج من برامج التواصل الاجتماعي يفيد بارتفاع سعر الوقود، فهل نقبل هذا الخبر أو نردُّه؟

إننا هنا نحتاج إلى آلية لفحص هذا الخبر وتمحيصه والتأكُّد من صحته، وهذه الآلية فطرية في النفس البشرية. فمن البديهيّ أننا سننظر في الخبر، كما سننظر في مصدره، والناقل له، ومدى اتِّصاله بالمصادر الموثوقة؛ لفحص هذا الخبر.

ونحن هنا سنفحص هذا الخبر على مراحل، ولنبدأ بالمرحلة الأولى:

لو كان مصدر الخبر مثلًا صحيفة مجهولة فإننا نضعِّف جانب قبول ذلك الخبر، وإن زاد على ذلك أن المصادر الموثوقة لم تتحدَّث به فهنا يقوى جانب ردِّه أكثر وأكثر؛ كالجهة المخولة بإصدار مثل هذه الأخبار والشركة التي تعمل في إنتاجها؛ فحينئذ لا نقبل هذا الخبر؛ لأن الناقل له لم يأخذه عن مصدر موثوق؛ فطريقه للخبر غير صحيح، وهنا نحتاج إلى التأكد من اتّصال ناقل الخبر بمصدره، وهذه هي المرحلة الأولى من التوثُّق.

وفي المرحلة الثانية ننتقل إلى النظر في حال الناقل: فإن كان الذي يروي هذا الخبر شخصًا مجهولًا لا نعرف حاله ولا صدقَه من كذبه، ولا خبرته وإدراكه ومعرفته لهذه الأخبار، فحينئذ نتوقف عن قبول هذا الخبر؛ لأن مصدره وقائلَه مجهول ولا نعرف حالَه، ويكون المرجَّح ردّ ذلك الخبر. وأما إن كان هذا الذي نقل الخبرَ هو أحد العاملين في الجهة المخوَّلة أو الشركة الموثوقة لإصدار مثل هذه الأخبار؛ فإن جانب قبوله سيقوى بلا شك.

ولكن قد يكون ثمة أسبابٌ تجعل من هذا الخبر خبرًا غير صحيح. نعم، يمكننا النظر إلى حال الرجل الذي نقل الخبر، فمع كونه موظَّفًا في الشركة الموثوقة قد يكون في الرجل أمور تجعلنا لا نصدِّق خبره، وهذه الأمور تنحصر في أمرين:

إما أن يكون غير موثوق في أخباره وأقواله؛ لأنه معروف بالكذب، فحينئذ يترجَّح لنا ردُّ خبره.

وإما أن يكون سبب انعدام الثقة أنه رجل معروف بالخطأ والخلط في أخباره، فينقل أخبارًا ليست على حقيقتها، ويقصد أشياء صحيحة ولكنه يخطئ في التعبير والبيان عنها، فحينئذ يترجَّح لنا ردُّ خبره؛ لأنه غير ضابط للأخبار، فيمكن أن يكون قد أخطأ.

ولكن قد يكون ذلك الموظَّف الذي تكلَّمنا عنه موثوقًا فيه من ناحية صدقه وأمانته، ومن ناحية اتِّزانه في نقل الأخبار، ولكنه نقل الخبر عن شخص آخر مجهول أو غير موثوق به للعلل السابقة، فحينئذ يقوى جانب ردّ الخبر لذلك، وهذه هي المرحلة الثالثة.

وأما إذا كان ناقلًا عن شخص موثوق مثله فحينئذ يكون الخبر مقبولًا عند الناس.

ولكن ماذا لو كنا نريد مزيدَ تأكّد وتثبت في صحة هذا الخبر؟

يمكننا حينئذ أن نبحث عن ناقلين آخرين للخبر، ونقارنه برواية هذا الراوي لنتأكَّد من صحَّة خبره، فلو كان هذا موافقًا للأخبار الأخرى وجميعها منقولة عن أناس موثوقين يترجَّح لنا قبوله، وأما إن كان الآخرون قد خالفوه في هذا الخبر فحينئذ يترجَّح لنا ردُّه؛ وهذا يمكن إعماله بعد جمع الروايات السابقة ومقارنتها مع بعضها، فمثلًا لو انتشر الخبر السابق بارتفاع سعر الوقود وأنه ارتفع إلى 1.8، ولكن فهمه القارئ بأنه ارتفع إلى ثمانية ريالات بعد أن كان سعره ريالًا واحدًا ونقله كذلك، فعند الجمع بين الأخبار المنقولة نستطيع أن نعرفَ أن الخطأ من فهمه رغم كون الخطأ مستبعدًا عنه لكونه موثوقًا في صدقه واتّزان طرحه للأخبار ونقله عن المصدر الصحيح.

ويختلف الحال فيما لو كان هو موثوقًا ولكن الآخرين غير موثوقين، فيتقوَّى جانب القبول، وأما إن كان هو موثوقًا ولكن الآخرين أوثق منه فيتقوى جانب ردِّ هذا الخبر، وأما إن كان هو غير موثوق وهم كذلك غير موثوقين فلا يقبل مثل هذا الخبر حتى نصل إلى مصدر موثوق، وهذه هي المرحلة الرابعة من مراحل فحص صحَّة الخبر.

فإذا كان الخبر نقله الناقل عن مصدر موثوق وتيقَّنا من اتصاله بالمصدر وأخذه عنهم، وكان موثوقًا بأن كان صادقًا متزنًا في طرحه ونشره مصيبًا في منشوراته، ووافقه على قوله أمثاله من الناس، فإننا نصدّق هذا الخبر ونعمل بما فيه، ولا نلتفت إلى من يشكِّك بمجرد احتمال خطأ هذا الرجل بدعوى أنه غير معصوم.

إذن لدينا قواعد معتمدة على مهارة اختبار الفرضيات، نستطيع من خلالها التأكد من صحة الأخبار التي باتت ترد إلينا صباح مساء.

ومهارة اختبار الفرضيات هذه بذات المراحل التي تحدثنا عنها تمامًا أعملها أهل الحديث في صياغتهم لقواعد قبول الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأول قاعدة من قواعدهم كانت في إعمال هذه المهارة، فهم حين بدؤوا عملهم في تمييز الأخبار صحيحها من سقيمها نظروا في الفرضيات التي تسبب خللًا في الخبر، فحصروا تلك الفرضيات وسبروا كل خبر من الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل فرضية من تلك الفرضيات، ووضعوا لإجراء هذه العملية أدق المعايير، فلا تعجب حين تسمع أن أحدًا من هؤلاء الجهابذة سافر مئات الكيلومترات وتكبَّد المشاق وتجشَّم الصعاب وارتحل أيامًا وشهورًا في سبيل التأكد من صحة خبر من الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا هنا تعمَّدت لفظة التأكّد لا معرفة خبر جديد لم يعرفوه، بل خبر سمعوه وأرادوا التأكّد والتوثُّق من صحته، حتى سطَّر الإمام البخاري رحمه الله في أصحِّ كتب الحديث بابًا سمَّاه: “باب الخروج في طلب العلم. ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد”، رضي الله عنهم أجمعين([5]).

فعلماء الحديث قد جعلوا لسبر الأحاديث النبوية وتمييزها أقوى المعايير وأحكمها وأحذق المناهج وأضبطها، فمنها المعايير الرئيسية التي بها يبتدئون تناول الخبر، وإن احتاجوا إلى التفصيل في التمحيص والسبر للروايات التي يرويها الثقات أعملوا لها معايير أكثر تفصيلًا وأشد إحكامًا، وهنا سنتناول تلك المعايير الرئيسية لننتقل بعدها إلى الحديث عن المعايير التفصيلية.

المعايير الرئيسيَّة لمعرفة صحَّة الحديث:

أول المعايير للتأكد من صحة الحديث هو أول مرحلة من المراحل التي ذكرناها عند التأكد من صحة الأخبار في مواقع التواصل، وهو التأكد من اتصال النقل بمصدر الخبر، وهو ما يسمّيه علماء الحديث اتصال السند، فأول شرط من شروط الحديث المقبول عند أهل الحديث اتصال السند([6]).

اتصال السند والتأكد من صحة النقل عن المصدر:

ومعنى ذلك التأكّد من أن الراوي قد سمع ممن يروي عنه، والآخر أيضًا قد سمعه ممن يروي عنه، وهكذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبالمثال يتضح المقال:

في أول صحيح البخاري: “حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات…»“([7]).

فهنا نحتاج إلى التأكد من أن الإمام البخاري قد سمع الحديث من الحميدي، والحميدي سمعه من سفيان، وسفيان سمعه من يحيى بن سعيد، ويحيى بن سعيد سمعه من محمد بن إبراهيم، ومحمد بن إبراهيم سمعه من علقمة بن وقاص، وعلقمة بن وقاص سمعه من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من النبي صلى الله عليه وسلم.

وبهذا نتأكَّد من صحة مصدر ذلك الراوي، وأخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونكون قد تجاوزنا المرحلة الأولى، وهي التأكد من اتصال الرواية بمصدر الخبر.

وهو عينه ما فعلنا حين أردنا التأكّد من أن الشخص الأول قد نقل خبر ارتفاع سعر الوقود من مصدر موثوق، وليس من عنده.

يقول الخطيب البغدادي رحمه الله: “فأما الأحاديث المسندات إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهي أصل الشريعة، ومنها تستفاد الأحكام، وما اتصل منها سنده وثبتت عدالة رجاله فلا خلاف بين العلماء أن قبوله واجب، والعمل به لازم، والراد له آثم”([8]).

فإن كانت الرواية متصلة بمصدر الخبر، فحينئذ ينتقل علماء الحديث إلى المرحلة الثانية كما ذكر الخطيب البغدادي في النص السابق، وهو البحث في حال الراوي وحال الناقل للخبر، وهو ما كان في مثالنا في المرحلة الثانية من مراحل فحص الأخبار في مواقع التواصل؛ حيث بحثنا عن تاريخ الناقل وحاله مع الصدق والكذب، وكذلك أهل الحديث يعملون على ذات المعيار، وهو النظر في حال ذلك الراوي، فقد يكون فيه ما يمنعنا من قبول خبره.

النظر في حال الراوي ومواطن الخلل فيه:

لو تفكرنا في أنواع الخلل التي يمكننا افتراضها في الراوي فهي لا تخرج عن ثلاث حالات:

1- إما أن نجهل حال الرجل، ولا نستطيع الوثوق بكلامه، فحينئذ لا يمكننا الحكم عليه ولا قبول خبره، فيكون المرجَّح هو عدم قبول هذا الخبر.

2- وإما أن يكونَ هذا الرجل معروفًا بتعمّد الخطأ في كلامه، وهو الكذب، فحينئذ لن نقبل خبره.

3- وإما أن يكون هذا الرجل معروفًا بالخطأ غير المتعمَّد، وهو الخلط وعدم الدقة في نقل الأخبار، فلن نقبل خبره أيضًا.

وهذه الحالات الثلاث عينُها هي المرحلة الثانية في مثالنا مع أخبار مواقع التواصل، وهي ذاتها التي أعملها أهل الحديث حين نظروا في حال الراوي.

فهم لما سبروا حال الرواة ونظروا في موانع قبول روايتهم وقفوا على حالات:

فإما أن يكون حاله مجهولًا، وهذه تسمَّى الجهالة، ومن كان كذلك لا يقبلون خبره، ولهذا اشترطوا معرفة عين الراوي وحاله.

وإما أن يكون معروفًا بالكذب، فلا تقبل رواياته؛ ولذلك اشترطوا أن يكون عدلًا([9]).

وإما أن يكون معروفًا بالخطأ والخلط في الأخبار، فلا تقبل رواياته أيضًا؛ ولذلك اشترطوا أن يكون الراوي ضابطًا([10]).

يقول أبو عبد الله الحاكم النيسابوري رحمه الله: “وصفة الحديث الصحيح أن يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي زائل عنه اسم الجهالة، وهو أن يروي عنه تابعيان عدلان، ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول إلى وقتنا هذا كالشهادة على الشهادة”([11]).

إذن أهل الحديث حين استنتجوا هذه الشروطَ لصحة الحديث استنتجوها بإعمالهم لعقولهم وللقواعد العقلية كما ترى، ولم يكن ذلك منهم مجرَّد تقليد، ولا ضربة لازب أو خبط عشواء.

وما أحسن ما قال ابن تيمية رحمه الله: “لا يجوز أن يصدق بخبر منقول عن الرسول أو غيره إلا بدلالة تدل على صدقه، ولا يجوز أن يكذبه إلا بدلالة تدل على كذبه، وعلى هذا العلم والدين، وقد تكلم العلماء وصنفوا كتبًا كثيرة في الجرح والتعديل في الرجال والأحاديث، فمن الناس من يعرف بالصدق والضبط، فهذا هو العدل المقبول خبره، ومنهم من يكون صدوقًا لكنه قد لا يحفظ ولا يضبط فيقولون في مثل هذا: هو صدوق تكلم فيه من قبل حفظه، ومنهم من عُرف بالكذب، وإذا روى الحديث من هو سيئ الحفظ أو من قد يكذب لم يحكموا بذلك الحديث ولم يثبتوه. ثم تارة يقوم الدليل على كذبه، وتارة يتوقفون فيه لا يعلمون أصدق هو أم كذب، ومثل هذا لا يعتقد ولا يثبت، ولا يحتج به([12]).

وأهل الحديث كما أعملوا عقولهم ووضعوا هذه الضوابط، فهم كذلك استقوا تلك القواعد والمهارات العقلية من كتاب الله، فجمعوا بين دلالة العقل ودلالة الخبر الحق، وظفروا بكل أنواع مصادر المعرفة في ذلك، ويوضِّح لنا ابن تيمية ذلك حيث يقول: “الخبر قد يعلم أنه صدق، وقد يعلم أنه كذب، وقد لا يعلم واحد منهما… والأحاديث المعلوم بطلانها على نوعين: تارة يعلم أن صاحبها تعمد الكذب، وتارة يكون قد غلط، والصحابة لم يعرف فيهم من يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك جمهور التابعين لم يعرف فيهم من يتعمد الكذب، ولكن طائفة قليلة من الشيعة … ولهذا قال تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]… فأمر بالتبين والتثبت إذا أخبر الفاسق بخبر، ولم يأمر بتكذيبه بمجرد إخباره؛ لأنه قد يصدق أحيانًا، ولما أمر الله سبحانه بالتبين والتثبت في خبر الفاسق دلَّ ذلك على أنه لا يجوز تصديقه بمجرد إخباره، إذ كان فاسقًا قد يكذب، ولا يجوز أيضًا تكذيبه قبل أن يُعرف أنه قد كذب، وإنْ كان فاسقًا؛ لأن الفاسق قد يصدق… وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]، وهذا نهي عن التكلم بلا علم، وهو عام في جميع أنواع الأخبار”([13]).

وإذا تأكَّدنا من صحة نقل الخبر عن المصدر الموثوق، وتأكدنا من حال الراوي، فحينئذ ننتقل إلى المرحلة الثالثة، وهي التأكد من أنه نقل عن نقلة آخرين حالهم كحاله، بكونهم معروفين بالعدل والضبط. وهذا ما نص عليه أهل الحديث بقولهم: “من أوله إلى منتهاه”([14])؛ بحيث يكون جميع الرواة في سلسلة الإسناد عدولًا ضابطين.

المعايير الدقيقة لمعرفة صحة الحديث:

فبعد التوثُّق من كون الراوي نقل عن مصادر صحيحة، وهو في نفسه موثوق عدل ضابط، وكذلك حال من روى عنه؛ نكاد نصل إلى الاطمئنان بصحَّة هذه الرواية المنقولة، ولكن أهل الحديث لم يقفوا عند هذا الحد من التوثُّق والاستقراء والسبر للروايات، بل تجاوزوها إلى المقارنة بين الروايات بعضها مع بعض، فبعد اختبار فرضيات الخطأ السابقة واختبارهم لها ينطلقون يجمعون الروايات الأخرى للنص ذاته ويقارنونها مع بعضها، وهذه هي المرحلة الرابعة من مراحل فحص الخبر في مثالنا مع أخبار مواقع التواصل، وهو ما أطلق عليه علماء الحديث: انتفاء العلة وانتفاء الشذوذ، فيشترطون ألا يكون الحديث معَلًّا ولا شاذًّا.

فأما الحديث المعلول فهو: الحديث الذي يكتشف فيه علماء الحديث سببًا خفيًّا غامضًا قادحًا فيه مع أن ظاهره السلامة منه، فالحديث المعلّ هو الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها؛ وذلك لتمرّس علماء الحديث على الروايات ونقدها وفحصها وتمييزها يقفون على عللها الخفية وأسبابها، وغالبًا ما يكون ذلك عن طريق إحاطتهم بالمعلومات الخاصة بالرواة جميعًا ومروياتهم وجمعها والمقارنة بينها، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع لشروط الصحة من حيث الظاهر، فالخبر المعل خبر ظاهره السلامة، اطُّلِع فيه بعد التفتيش على قادح([15]).

ويوقفنا الخطيب البغدادي على عناية أهل الحديث بهذا النوع من الفحص الدقيق للأخبار؛ حيث ينقل عن الإمام المحدِّث عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله قوله: “لأن أعرف علة حديث أحب إليّ من أن أستفيد عشرة أحاديث”([16]).

ولنأخُذ هذا المثال لنقف على حقيقة هذا الأمر، فقد نصَّ الإمام ابن أبي حاتم في كتابه “العلل” على علَّة أخبره بها والده الإمام أبو حاتم الرازي -وهو من هو في علم الحديث، فهو من أئمة النقاد- قال: “سمعت أبي يذكر حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار في الصلاة بإصبعه. قال أبي: اختصر عبد الرزاق هذه الكلمة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ضعف، فقدَّم أبا بكر يصلي بالناس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم… فذكر الحديث. قال أبي: أخطأ عبد الرزاق في اختصاره هذه الكلمة؛ لأن عبد الرزاق اختصر هذه الكلمة، وأدخله في باب من كان يشير بإصبعه في التشهد، وأوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد، وليس كذاك هو. قلت لأبي: فإشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر كان في الصلاة، أو قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة؟ فقال: أما في حديث شعيب عن الزهري، لا يدل على شيء من هذا”([17]).

ففي هذا النص نجد الإمامَ أبا حاتم الرازي قد سبر الروايات الواردة في هذا الحديث، وقارن بينها؛ وخرج بهذه النتيجة، وهو أن الإمام عبد الرزاق رحمه الله اختَصر هذا الحديثَ، ولكن الاختصار كان مخلًّا بالمعنى، ثم هو وضعه في “باب من كان يشير بإصبعه في التشهد”، وهو ما غيَّر موضوعَ الحديث وأوهَم خلافَ مقصود الحديث.

وقد اكتشفه هذا الإمام الناقد بعد الفحص والتمحيص كما ترى، وهذا غيض من فيض من إعمال أهل الحديث لهذا الباب، فليس هذا المثال وحيدًا لإعمالهم عقولهم وأذهانهم في الأحاديث بعد جمع رواياتها واستخراجهم إشكالاتها وعللها، بل قد جمعوها ونشروها للناس، ليس في كتاب واحد، بل ثمة عشرات الكتب منذ القرون المتقدّمة ومنذ انتشار النقَّاد الذين جمعوا الروايات والأحاديث، ودونك كتب العلل التي ألفت بنفس الاسم وما أكثرها.

وهذا ردٌّ كافٍ على من يَزعم أن علماءَ الحديث لم يُعمِلوا عقولهم في تلقِّيهم الأحاديث النبويةَ ودراستها، فهم قد وضَعوا الضوابط الأساسيَّة العقلية لنقد الحديث وقبوله، وهي ذاتها الضوابط المعروفة المتداولة بين الناس في كل الأزمان والأوطان، ثم تفرَّدوا عن كل منهج وكل قاعدة اخترعها عقول البشر أجمع بكونهم عنوا بالجمع والمقارنة بين الأخبار والفحص والتمحيص الدقيق، فغاصوا في أغوار الروايات، ونقَّبوا في أغمار الآثار وعللها الخفيات، ولم يكتفوا بمجرد النقد الظاهر والمنهج الأساسي في فحص الأخبار.

فالضوابط الأساسية التي أعملوها كافية في التعامل مع أخبار الناس وأقوالهم والعلم بكنهها وإدراك حقيقتها، وهي في ذات الوقت كافية لمعرفة زغل من ينفي العقلانية عن أهل الحديث؛ فما ظنُّك والقوم قد امتازوا بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في عالَم قواعد تمييز الأخبار.

فهذا المنهج الدقيق في التعامل مع الأخبار أمرٌ لم يكتبه الله لأي أمة مضت، وإنما خصَّ أهل الحديث أهل بيان ذكره المحفوظ كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

ونعود إلى بحثِنا ونتكلَّم عن آخر تلك المراحل التي بها نعرف صحَّة الحديث عقلًا، والتي كانت أيضًا من اختراعات عقول المحدثين وإبداعات ألبابهم، فقد اشترطوا بعد كلّ تلك الشروط الدقيقة أيضًا انتفاء الشذوذ.

والمقصود بذلك أن يتمّ جمع روايات الحديث ثم فحصها والنظر فيها؛ ثم نتأكد إن كان شاذًّا أو لا، ومعنى الشاذ كما يقول الإمام الشافعي: “ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة من الحديث ما لا يروي غيره، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثًا يخالف الناس”([18]).

فالشاذ إذن أن يروي المقبول مخالفًا لمن هو أولى منه([19])، وقد يكون الشذوذ في المتن، وقد يكون في السند، وقد يكون في كليهما، فكوننا نجد خبرًا يخالف فيه ناقل غيره ممن هو أقوى منه وأوثق منه يجعلنا نضعه موضعَ التأمّل والملاحظة ولا نقبله على إطلاقه، وقد فصَّل علماء الحديث هذا الأمر أيمَا تفصيل، يقول الإمام مسلم رحمه الله: “فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متَّهمون، أو عند الأكثر منهم، فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم… وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث، وتوليد الأخبار، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط؛ أمسكنا أيضًا عن حديثهم، وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجورَ الحديث غير مقبوله، ولا مستعمله… فلسنا نعرج على حديثهم، ولا نتشاغل به؛ لأن حكم أهل العلم، والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرَّد به المحدّث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا، وأمعن في ذلك على الموافقة لهم، فإذا وجد كذلك، ثم زاد بعد ذلك شيئا ليس عند أصحابه قبلت زيادته”([20]).

فتأمل هذا التفصيل العقليَّ المحكَم في قبول الروايات وردِّها، فهو رحمه الله قد قسَّم من يروون الأحاديث إلى أقسام؛ فأما من عرف برواية الموضوعات فلا يقرب من روايتهم أصلًا. وأما من يروي الأحاديث التي يخالف فيها الموثوقين من أهل الرواية وعرف بذلك ولم يكن أهلًا لمخالفتهم لنزول مستوى الثقة به فلا تقبل منه هذه المخالفة. وأما لو كان الذي خالف موثوقًا بعدالته وضبطه ومعروفًا بروايته الأحاديث الصحيحة الموافقة للثقات ثم تفرَّد بزيادة فيقبل منه.

لو تأمَّلنا في هذه المنهجية التي أعملها الإمام مسلم رحمه الله وجدناه يعتمد في كل ذلك على معايير عقلية بحتَة، فمن عرف بروايته الموضوعات والمكذوبات لا نأمنه بطبيعة الحال على الأحاديث النبوية، ومن عرف بروايته الأحاديث المخالفة لمن هو أولى منه بالقبول فهو مؤشر ضعف فيه بلا شكّ، بعكس ما لو كان التفرُّد من موثوق عرف بضبطه للأحاديث وعدالته فيقبل منه التفرد.

ويزيدُنا في ذلك الأمر تفصيلًا الحافظ ابن الصلاح رحمه الله حيث يقول: “الأمر في ذلك على تفصيل نبينه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه؛ فإن كان ما انفرد به مخالفًا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط، كان ما انفرد به شاذًّا مردودًا، وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره، فينظر في هذا الراوي المنفرد؛ فإن كان عدلًا حافظًا موثوقًا بإتقانه وضبطه قُبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما فيما سبق من الأمثلة، وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارمًا له مزحزحًا له عن حيز الصحيح، ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتبَ متفاوتة بحسب الحال فيه، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرده استحسنَّا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيدًا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر، فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان: أحدهما الحديث الفرد المخالف، والثاني الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرًا لما يوجبه التفرّد والشذوذ من النكارة والضعف، والله أعلم”([21]).

فلم يطلق أهل الحديث الحكم على الروايات جزافًا، وإنما وضعوا لكل حالة حكمًا، ولكل وضع حكمًا عقليًّا مناسبًا، فنظروا في أحوال الرجال، وسبروا مرويات كل واحد منهم على حدة، فمن كان معروفًا بالوضع لا يمكن أن يكون بمنزلة الثقات الأثبات المأمونين، ومن كان كثير المخالفة للثقات ليس كمن يخالفهم مرة أو اثنتين، ومن كان كثير الخطأ ليس كمن يخطئ مرة أو اثنتين وهكذا.

الخاتمة:

لقد كان أهل الحديث من أكمل الناس عقولًا، وأوفرهم فطنة وذكاء، وقد أعملوا أذهانهم في بناء منهجهم الحديثي الذي بهروا به العالم أجمع، فحين وجدوا من بين نقلة الحديث من يخطئ ويهم اخترعوا أقوى أنواع مختبرات فحص الأخبار والأحاديث، وحين ظهر اختلاف الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم وضعوا أمتن ضوابط تمييز الضابط من الواهم وكثير الخطأ، وأفضل قواعد الترجيح بين تلك الأخبار والروايات، وحين بدأت عواصف الكذب والوضع في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وانسلَّ بين المحدثين الدجالون والوضاعون والكذابون سلَّ أهل الحديث سيوف قواعدهم دون الكذب والدجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصبوا أفضل المناهج لتصفية الحديث الصحيح من سيل الموضوعات والمكذوبات، ومعرفة المقبول من المردود.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر في موقع مركز سلف للبحوث والدراسات: ورقة علمية بعنوان: “السلف والمهارات العقلية السبر والتقسيم أنموذجا”.

([2]) مقدمة كتاب: منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين.

([3]) المقالات العلمية، ديفيد صموئيل مرجليوث (ص: 234-253)، نقلًا عن تقدمة العلامة المعلمي اليماني للمعرفة لكتاب الجرح والتعديل.

([4]) أفدت من بعض الدراسات المعاصرة في الأسس العقلية لعلم نقد السنة النبوية.

([5]) صحيح البخاري (1/ 26).

([6]) ينظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 189)، معرفة أنواع علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 13)، التقريب والتيسير للنووي (ص: 25)، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص: 58)، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 28)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1/ 61).

([7]) صحيح البخاري (1/ 6).

([8]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 189).

([9]) ينظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 189)، علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 12)، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص: 58)، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 28)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1/ 61).

([10]) ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 12)، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص: 58)، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 28)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1/ 61).

([11]) معرفة علوم الحديث (ص: 62).

([12]) الجواب الصحيح (6/ 462).

([13]) الجواب الصحيح (6/ 454).

([14]) ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 12)، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص: 58).

([15]) ومن المعلوم اختلاف العلماء في تعريف المعلول والشاذ، وأيضا إطلاق بعض العلماء المعلول على العِلل الظاهرة، وليس هذا البحث محلَّ تفصيل ذلك، ولكن سرت فيه على تقريرات ابن حجر لعلو كعبه، ينظر: علوم الحديث (ص: 81)، التقييد والإيضاح (ص: 114)، النكت على ابن الصلاح (2/ 710)، فتح المغيث (1/ 209)، وغيرها.

([16]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 191).

([17]) علل الحديث (2/ 379).

([18]) ينظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 110).

([19]) ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 76)، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص: 72)، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 30)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1/ 267).

([20]) مقدمة صحيح مسلم (1/ 7).

([21]) علوم الحديث (ص: 76).

عن

شاهد أيضاً

منهج التحري والانصاف عند علماء الجرح والتعديل

  [embeddoc url=”https://drive.google.com/a/infowaqfaletqan.com/file/d/1gO7t5kMQb5p70IYc86KBmIHjR9jLGgXS/preview?usp=drive_web” viewer=”drive” ]

اترك تعليقاً